فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
من حقائق الهدى و المعرفة
هدى من الآيات
في هذا الدرس يذكرنا القرآن الكريم بثلاث حقائق تتصل بقضية الهدى و المعرفة :
الحقيقة الاولى : ان اكتساب العلم و المعرفة و بالتالي الاهتداء مسؤولية الانسان التي تتعلق بمصالحه العاجلة و الآجلة ، فمن يرفض الاهتداء ، ولا يتحمل مسؤوليته في الوصول الى المعرفة فانه يظلم نفسه ، و يكو مثله كمن يفقأ عينه ، أو يسد أذنه ، أو يبلد أحاسيسه ، فيقطع على نفسه ذلك الجسر الذي يربط ذاته بالطبيعة فماذا عساه أن يفعل بعد ذلك ؟ و ما هو مبرر وجوده في الحياة ؟
الحقيقة الثانية : ان الانسان اذا رأى ان بامكانه البقاء فترة من الوقت في حالة الضلالة دون أن يصاب بأذى ، فليعلم ان هذه مهلة منحها الله له رحمة به لعله يرجع عن ضلالته و يهتدي .
و إلا ففي اللحظة التي تعمى فيها عين الانسان ، و تصم أذنه ، و يتوقف عقلهفانه يجب أن يموت و ينتهي ، لأنه سوف يصطدم بالطبيعة و حقائقها الراسخة الصلبة فيتحطم شر تحطيم ، و بالتالي فان الضلالة جريمة عقوبتها معجلة في الواقع ، و لكن الله يؤجل هذه العقوبة ، و هذا من فضله الواسع و حلمه الكبير ، و لعله سيتدرجه الى مصيره الاسود إستدراجا .
الحقيقة الثالثة : ان هذا التأجيل ليس الى فترة غير محدودة ، و انما لموعد يوم معلوم عند الله سبحانه و تعالى ، و اذا جاء فانه لن يتأخر ، و هذا بدوره قضية هامة لو تحسس البشر بها لاستطاع ان يقاوم جهالته ، و تعاليمه على الحقائق .
و لكي يوضح القرآن الكريم هذه الحقائق اكثر ، فانه يضرب لنا مثلا من واقع موسى (ع) و اجتهاده في البحث عن العلم و المعرفة .
و في هذه المجموعة من الآيات ، يذكرنا القرآن بان الانسان في حالات التعب ، و الارهاق ، و انشغال ذهنه بقضايا ثانوية قد ينسى أمورا مهمة .
لقد قام موسى مع مرافقه بسفرة طويلة مضنية مليئة بالصعوبات ، فأصابهم تعب شديد من وعثاء السفر ، مما جعلهم ينسون غذاءهم الذي أحضروه معهم ، فالنسيان اذن من الشيطــان ، و تجاوز هذا النسيان لا يكون الا عن طريق التذكر المستمر لله سبحانه و تعالى ، و هناك سبب آخر من أسباب الجهل وهو : اعراض الانسان عن آيات الله و انصرافه عنها .
|