فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
من هو ذو القرنين ؟
هناك ثلاثة آراء فيه :
1 - قال البيروني و قوم من المفسرين إنه ملك من الحمير في اليمن ، و ملوك اليمن تبدأ اسمائهم بكلمة ( ذي ) و السد هو سد المأرب المعروف ، بيد أن شواهد التاريخ لا تؤيد هذا الرأي ، لأنه لم يعرف ملك من اليمن امتلك الشرق و الغرب ، و لان سد المأرب لا تنطبقعليه مواصفات القرآن للسد .
2 - و دافع الرازي و جماعة عن الرأي القائل بأنه الإسكندر المقدوني ، لانه ملك الشرق و الغرب ، و لان قصته كانت معروفة عند الناس فسألوا النبي عنها ، إلا أنه ناقش في هذا الرأي أيضا بأن الإسكندر كان تابعا لأرسطو ، و تعاليم ارسطو لم تكن إلهية فلا تنطبق عليه آيات القرآن ، علما بأنه لم يعرف عنه بناء سد بتلك الصفات التي يذكرها القرآن .
3 - أما الباحث الهندي المسلم ( أبو الكلام آزاد ) الذي شغل لفترة ما منصب وزارة الثقافة الهندية فقد رأى أنه كان كورش الكبير الذي فتح الشرق و الغرب و قدم بحثا مفصل فـي ذلك و أستدل على رأيه بأن الرجل صالحا حسب ما نقل عن المؤرخين اليونانيين ، مثل هرودوت ، علما بأنهم أعداؤه ، و ان اليهود يقدرونه لانه أنقذهم من أعداء الدين ، و يعتقد أنهـــم إنما سألوا عنه النبي لوثيق العلاقة بينهم و بينه و لوجود إشارة إليه في كتبهم ، و أضاف الباحث أنه وجد في حفريات منطقة الإستخر تمثال لكورش له جناحا عقاب و على رأسه تاج فيه قرن كبش مما يتناسب و معنى ذي القرنين عند بعض المفسرين .
و أيد رأيه ايضا بأن السد الحديدي الموجود حاليا في جبال " قوقاز " في منطقة تسمى حاليا ( داريال ) بين وادي " ولادي كيوكز " و وادي " تفليس " تنطبق عليهتوصيف القرآن للسد علما بأن كورش هو الذي بناه ، دفاعا عن أهل المنطقة في مواجهة قبائل " يأجوج و مأجوج " المتوحشة التي كانت لهم هجمات على البلاد المتحضرة طوال التاريخ ، حيث كانت الأخيرة منها بقيادة جنكيز خان المغولي (1) هذا . و لكن الأحاديث الواردة في قصة ذي القرنين تتناسب و هذا القول و الله أعلم .
[84] [ إنا مكنا له في الأرض وءاتيناه من كل شيء سببا ]مكن الله ذا القرنين في الأرض ، و ذلك عن طريق تعريفه بالأسباب و العلل ، فذا القرنين علمه الله أسباب الحياة ، و استطاع عن طريق علمه أن يتمكن في الأرض و يسخر الطبيعة .
[85] [ فأتبع سببا ]
لقد تحرك ذو القرنين في طريق السبب ، و اختار أحد الأسباب و اتبعه بعد أن أتاه الله من كل شيء سببا ، ان علم الانسان كثير ، و لذلك فهو يختار من بين معلوماته عما يمكن أن يطبق عمليا في إطار حياته المحدودة ، و إذا أراد أن يتبع كل ما يعلم فان حياته لن تكفي لذلك حتما .
|