فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

جزاء المؤمنين
[107] [ إن الذين ءامنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ]

[108] [ خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ]

يجب على الانسان ان يكتشف أعماق ذاته و يتساءل : لماذا خلقت ؟ و ما الذي أطمح اليه ؟


انه في محاسبة رياضية بسيطة يستطيع أن يفهم أن هذه الدنيا و ما فيها ليست كافية لاستيعاب طموحه ، فمن طموح الانسان الخلود و الاستمرار في الحياة ، انه لا يريد أن ينقلب الى العدم بعد الوجود ، و اذا كانت الدنيا قد خلقت لنا و خلقنا لها فلا أقل من أن نبقى خالدين فيها .

أحد الفلاسفة القدامى كان يقول : أنا مستعد أن يضعوني في جوف حمار ميت ، و أظل أتنفس من دبره في مقابل أن أبقى حيا في الدنيا !!

هذا الكلام غير منطقي ، و لكن يعبر عن نزعة حب البقاء عند الانسان .

و لكن هل بقي أحد في الدنيـــا ؟ كلهم أرادوا البقاء و كلهم ماتوا ، اذن فالدنيا ليست لهم ، و طموحهم هذا لن يتحقق فيها .

و بعيد عن حكمة الله و رحمته أن يخلق في كيان الانسان رغبة لا تتحقق ، أو حاجة لا تلبى ، انه عندما خلق العين خلق في مقابلها شيئا يرى ، و عندما خلق الأذن خلق في مقابلها شيئا يسمع ، و عندما خلق الجهاز الهضمي ، خلق في مقابله شيئا يؤكل ، و هكذا قل في سائر الحواس و الأعضاء و الغرائز ، و كذلك حينما خلق طموح الخلود ، و الحصول على ملك لا يبلى ؟ خلق وراءه حقيقة مناسبة له ، فما هي تلك الحقيقة .

انهـا جنة الفردوس في الدار الآخرة ، و هذا هو أبسط دليل وجداني على ضرورة البعــث .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس