الأخسرون اعمالا [103] [ قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ]
[104] [ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ]قديما حينما كانوا يريدون التأكد من جنون شخص كانوا يحضرون له برميلا بلا قعر ، و يطلبون منه أن يملأه ماء ، فان كان عاقلا امتنع عن ذلك ، و ان كان مجنونا فانه يشرع في العمل بجد .
و الأخسرون أعمالا هم كهذا المجنون ، يبذلون مساعيهم و جهودهم في الحياة ثم لا يقبضون شيئا ، كم يصطاد الهواء بالشبك ، انهم لا يعلمون ما هو الشيء الباقي و ما هو الشيء الزائل فمثلا يتعب الواحد منهم على أولاده ، و يضع جهوده و دينه و قيمه عليهم حتى يكبروا ، و ما ان يبلغوا أشدهم و يعتمدوا على أنفسهم حتى يتركوا أباهم وحيدا في حسرته ، و أقصى ما ينفعونه تشييعه الى مثواه الأخير ، و قراءة الفاتحة على روحه أما في القبر و المحشر و عند الميزان فلا يغني أحد عن أحد شيئا .
و كذلك عندما يسعي الانسان من أجل الاموال ليكرس الملايين فوق بعضها ،لقد مات ( فورد ) صاحب شركة السيارات المعروفة في خزائن أمواله ، حيث كانت عنده خزانة حديدية ضخمة مؤلفة من عدة غرف متداخلة لكل منها باب ، و كان يحتفظ بذهبه و مجوهراته و أشيائه الثمينة في الغرفة المركزية ، و في يوم دخل الى مكانه المحبب هذا ليتمتع ناظريه ويرفه قليلا عن نفسه و كان كلما يدخل بابا يوصده من ورائه ، حتى اذا دخل في غرفة السعادة أوصدها على نفسه ، و قد نسي المفتاح في الخارج ، و عندما شبع من النظر الى متاع الدنيا الرخيص أراد الخروج فلم يقدر ، فظل يصرخ و يصرخ ، و لكن صوته لم يكن ليخترق تلك الجدران الحديدية المتراكبة فوق بعضها ، فمكث عدة أيام على هذا الحال الى أن مات .
ان هذا الانسان الضال لم تنفعه أمواله ، و لم تنقذه من الجوع و العطش في الدنيا حيث المال له قيمة ، فما بالك في الآخرة حيث لا قيمة للمال اطلاقا ؟!
[105] [ أولئك الذين كفروا بايات ربهم و لقائه ]
ان السبب فــي وصــول الانسان الى هذا الدرك الاسفل هو : اعراضه عن آيات الله ، و عدم استعداده للقائه ، و هذا هو الكفر بالمبدأ و المعاد .
و أساسا يؤمن الانسان وجدانيا بالله ، و يبحث بفطرته عن المعاد ، و لكن من الصعب عمليا أن يصل الانسان الى مستوى الايمان بالله و اليوم الآخر ، لذلك فهو يحتاج الى مزيد من الارادة و العزم ليصعد على هذه القمة فيحول ايمانه من اطار الفطرة و الوجدان الى اطار العمل و التطبيق .
ان نفوس الكفار أصغر ، و عزائمهم أضعف ، و هممهم أتفه من أن تصل الى حقيقة الايمان ، لذلك تجدهم ينكرون آيات الله و يكذبون بلقائه .
[ فحبطت أعمالهم ]
ان أعمال الانسان لا تحفظ الا في اطار الايمان بالله و اليوم الآخر ، كما يحفظ الماء في البرميل السليم ، أما وضع أعماله في اي ظرف آخر فسوف تكون كالماء الموضوع في برميل لا قعر له .
[ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ]
برغم أنهم كانوا في الدنيا أثرياء و أصحاب سلطة و جاه ، و كان لهم وزن عند كثير من الناس ، الا أنهم يوم القيامة يأتون و ليس لهم أي وزن و لا كرامة من عند الله ، و سوف يكونون أذل الناس و أحقرهم هناك .
[106] [ ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا و اتخذوا ءاياتي و رسلي هزوا ]ان الانسان عندما يلجأ الى الهزء و السخرية في مقابل الحقيقة و من يحملها ، فانه يكون في أقصى درجات العناد ، و الانغلاق على النفس ، و قساوة القلب ، ان له الحق في أن يتشكك في بادئ الأمر ، و يطالب بالدليل ، و يجادل بالعقل الى أن يقتنع و يطمئن ، أما أنيـواجه الرسول و الرسالة بالإستهزاء ، فهذا دليل على أنه لا يريد اتباع الحق أساسا ، فيا ترى أي مكان يليق بمثل هذا غير جهنم ؟!
|