فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
بين النعماء و الضراء
[9] ما دامت النعمة من الله ، فزوالها عن البشر لفترة أو وجودها عنده في وقت آخر ليس دليلا على بقائها او زوالها الى الابد ، اذ ان تلك القدرة التي منحت النعمة او ازالتها انما لحكمة بالغة ، و الله قادر على ان يعيدها وفق تلك الحكمة و مع توافر شروطها ، لذلك لا ينبغي ان يحيط اليأس بالبشر عند افتقاد النعم ، و لا يجوز ان يكفروا بسائر النعم التي اسبغها الله عليهم ، و يلبسوا نظارة سوداء يبصرون الحياة من خلالها ، فلا يرون شيئا الا ملبسا بالسواد .
[ و لئن أذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعنها منه إنه ليئوس كفور ][10] و عند النعماء و هي حالة هبوط النعمة التي لو جاءت بعد الشدة و الضراء لكانت اعمق أثرا في النفس و لذلك قد تفقد توازن الانسان ، و يحسب ان الصعاب قد ودعته الــى الابد ، فيستبد به الفرح و السرور البالغ ، و لا يرى اي نقص او عجز في ذاته ، بل يظل يركزنظره حول تلك النعمة و يفتخر لها .
[ و لئــــــــــن أذقنــــاه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرحفخور ]
[11] و سواء الكفر و نكران النعم ، او الفخر و الغفلة عن النواقص فانها من صفات الانسان قبل ان تزكيه الرسالات السماوية ، التي تبين له ان النعمة اذا جاءت فهي محكومة بشروطها و أهدافها ، و الحكم التي ورائها ، و كذلك النقمة ، و ان على الانسان الا ييأس معزوال النعمة التي هي ( رحمة الله ) و لم تكن جزءا من ذات البشر . لأن هذه النعمة قد تعود اليه هي او احسن منها ، ثم لأن هناك نعما أخرى اعظم منها لا تزال قائمة عنده فباليأس و الكفر سوف تزول - لا سمح الله - تلك النعم ايضا ، فلا يخرجك الفرح عن طورك و تفتخربالنعمة ، فان هناك نواقص كثيرة لا تزال تحيط بك ، و عليك ان تعمل من اجل إصلاحها جميعا و هكذا تجد المؤمنين صابرين يقيمون الاحداث جميعا ، فيبصرون في ايام شدتهم ايام رخائهم المنتظرة ، و يتذكرون ايامهم الماضية ، و يعلمون ان الحياة في تغير دائم ، و ان سببالتغير المباشر و غير المباشر هم انفسهم فعليهم اذا ان يعملوا صالحا في ايام الشدة لكي لا تدوم ، و في ايام الرخاء لكي لا تزول ، و لكي يبلغوا درجات اعلى منه .
[ إلا الذين صبروا و عملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ]يغفر الله ذنوبهم فترتفع اسباب الشدة .
[ و أجر كبير ]
بسبب اعمالهم الصالحة فهم في تقدم مستمر .
|