فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
فاختلفوا فيه

[110] لقــد انــزل الله الكتاب ليختلفوا اليه ، و يجعلوه قاضيا بينهم ، فاختلفوا فيه ، و حملوه اهواءهم ، والسبب انهم لا يؤمنون حقا بالكتاب بل بأهوائهم ، و لولا ان الله جعل الدنيا دار ابتلاء و فتنة . اذا لأيد الفريق المؤمن بالكتاب و خذل المفسرين له بأهوائهم .

[ و لقد ءاتينا موسى الكتاب فاختلف فيه و لولا كلمة سبقت من ربك ]حيث قضى بتأخير الجزاء يوم البعث ، او ليوم انتهاء مهلة الفاسقين و نصرة المؤمنين عليهم .

[ لقضي بينهم ]

اي باسلوب اخر غير تنزيل الكتاب الذي لم ينفعهم ، و لم يوحدهم على الهدى بسبب طغيانهم و اتباع اهوائهم ، والأختلاف في الكتاب دليل الشك فيه .

[ و إنهم لفي شك منه مريب ]

[111] و الله لا ينظر الى التبريرات التي يقدمها البشر لأعماله الضالة ، و التخريجات الدينية التي يتعب نفسه في تركيبها على اهوائه ، و بالتالي لا يعبأ بالتفسير الباطل للكتاب الذي يخدع نفسه و ذوقه به ، انما ينظر ربنا سبحانه الى حقيقة اعماله . فيوفيه إياها و هو محيط علما بها و بخلفيتها .

[ و إن كلا لما ليوفينهم ربك اعمالهم إنه بما يعملون خبير ]ان التأكيدات المتتالية في هذه الآية لدليل على ان البشر يخدع نفسه بالكتاب كما يخدعها بغيره ، و ان الله سبحانه يذكره بأن خداعه سراب ، و ان عمله هو الباقي وحده .


فاستقم كما امرت :

[112] و لماذا يختلف الانسان في الحياة اساسا ؟

لأنه لا يرضى بحدوده و حقوقه ، بل يطغى و يحاول ان يتجاوز حدوده ، و يعتدي على حرمات الآخرين ، و حين يطغى الفرد يجرف بطغيانه القيم الالهية التــــي وضعت في طريقه ، و يحاول ان يفسرها حسب اهوائه لكي يجعل قيم السماء جزءا من معاملاته الفاسدة .

من هنا كان من الصعب جدا على الناس مقاومة ضغط الأهواء باتجاه تفسير الكتاب حسب اهوائه ، و الأستقامة في خط الكتاب ، و تكييف انفسهم حسب مقاييسه ، و جاءت كلمة القرآن حاسمة لتؤكد هذه الحقيقة .

[ فاستقم كما امرت ]

و بعصمة الله ، و بحسن التوكل عليه استقام الرسول ، اما المؤمنون فان معضلات الفتن ضغطت عليهم ، و حرفت مسيرتهم ، و لكنهم سرعان ما تابوا الى الله فاستقاموا .

[ و من تاب معك ]

اما سبب الأنحراف و تفسير الكتاب حسب الأهواء ، و بالتالي الأختلاف فيـه فهو الطغيــان .

[ و لا تطغوا إنه بما تعملون بصير ]


ان علينا ان نتبع هدى الله دون زيادة او نقصان .. فانه طغيان .

و جـــاء في الحديث عن ابن عباس : ما نزل على رسول الله آية كانت أشـــد عليـــه و لا أشق من هذه الآية ، و لذلك قال لأصحابه حين قالوا له : اسرع اليك الشيب يا رسول اللــه :

" شيبتني هود و الواقعة "


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس