فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
سنة الصراع :
[118] الصراع سنة الحياة التي يجب البحث أبدا عن سبل انهائه ، و لكن لا ينبغي السأم منه ، أو الالتفاف حوله خشية مجابهته ، فهو كالموت المعلق يمكن تجنبه ، كالتخلف و المرض ، و كالفقر و ككل المشاكل الحضارية للبشرية التي يجب السعي من أجل تخفيف وطأتها أنىاستطعنا من دون السأم منها .
[ و لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ]
فلو شاء الله لخلق الناس مؤمنين منذ البدء كما خلقهم خلقا سويا ، فجعل لهم عينين و لسانا و شفتين ، و لكنه اركز فيهم قوتين مختلفتين " و هديناه النجدين " و كلفهم باقتحام العقبة بأنفسهم " فلا اقتحم العقبة " .
[ و لا يزالون مختلفين ]
دون ان يكون الأختلاف مطلوبا من الله ، و لكن ضعف العقل الذي لم يقسم بين العباد أقل منه ، و قوة الشهوات التي زينت لهم كل ذلك يكرسان الأختلاف فيهم .
[119] و يبقى الناس مختلفين الا الذين رحمهم الله بهداه فانتفعوا به ، و اعتصموا بحبله جميعا ، فألف بين قلوبهم بدينه و نوره ، لو انفقنا ما في الأرض جميعا ما ألفنا بين قلوبهم .
اذا فالوحدة هدف إنساني سام يسعى من أجله البشر ، و هو في ذات الوقتغاية الخليقة ، فالله لم يخلق الناس ليعذبهم بل ليرحمهم ، و يجعل بعضهم اخوة بعض ، و لكنه سبحانه حملهم مسؤولية تحقيق هذا الهدف التشريعي السامي بعد أن هيأ لهم كل أسباب تحقيقه . من رسل و قادة و كتب و شرائع .
[ إلا من رحم ربك و لذلك خلقهم ]
أما إذا استمروا في ضلالتهم ، و خالفوا الشريعة فإن الله سوف يعذبهم عذابا شديدا لأنهم لم يتحملوا مسؤوليتهم .
[ و تمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة و الناس أجمعين ]اذا الصراع طبيعة اولوية ، و الوحدة غاية تشريعية ، و الاختلاف واقع فاسد يجب ازالته ، و الا فالنار جزاء آت لا ريب فيه .
شهادة التاريخ :
[120] و القصص التي تليت من صراع الحق و الباطل عبر تاريخ الانبياء و قومهم الضالين جاءت لتؤكد هذا الصراع ، و تعطينا قدرة على احتمال صعوباته .
[ و كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ]و أنباء الرسل تؤكد أيضا على إن الرسالة حق ، و انها منتصرة فعلى البشر أن يعمل بها ، و أن يستشير عقله بذكراها .
[ و جاءك في هذه الحق ]
أي جاءك في هذه الأخبار من تاريخ الرسالات كلمات الحق .
[ و موعظة و ذكرى للمؤمنين ]
خلاصة السورة :
[121] و التاريخ يعيد نفسه . ذلك لأن سنن الله واحدة في الماضي و الحاضر و المستقبل ، و لذلك فان الزمن يمر في صالح الرسالة .
[ و قل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم ]
أي اعملوا على طريقتكم .
[ إنا عاملون ]
[122] [ و انتظروا إنا منتظرون ]
فنحن واثقون من إن الحق منتصر ، و ان صراع الحياة سوف يختم في صالحنا بإذن الله .
[123] و في هذا الصراع الممتد عبر التاريخ يتزود الرساليون بالايمان الصادق بالله ، و بأنه محيط علما و مقدرة بما في غيب السماوات و الأرض ، و ان إليه مصير الأمور ، فهو مالك سره و خبيئته ، و هو مالك مصيره .
[ و لله غيب السماوات و الأرض و إليه يرجع الأمر كله ]من صغائر الأمور و كبائرها ، و من وحي هذا الإيمان يأتي إخلاص العبودية و الطاعة لله ، و أيضا التوكل عليه و العمل من أجله .
[ فاعبده و توكل عليه و ما ربك بغافل عما تعملون ]
|