فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

و لا تيأسوا من روح الله
هدى من الآيات

و عاد اخوة يوسف (ع) الى أبيهم و بغم جديد ، و خرق للميثاق ، فلم يصدقهم يعقوب (ع) بان اخاهم سرق ، و اتهمهم بتدبيـــر حيلـة جديدة ، و لكنه تذرع بالصبر الجميل ، و وضع كل أمله على الله العليم الحكيم ، و ترك ابناءه و أعاد نوحه على ابنه يوسف (ع) و اسفه عليه حتى مشى البياض في سواد عينه ، و كادت تعمى ، و حتى بدى للناظر في مظهره المليء ، بالهموم . الكاظم نفسه عنهــا . أما هم فقد اشفقوا عليه و قالوا : انك لا تزال تذكر يوسف حتى تشرف على الهلاك او تهلك فعلا ، و لكن يعقوب تمسك بهدى ايمانه فلم يياس و قال :
اني اشكو همومي و احزاني الى الله الذي اعلم انه ارحم الراحمين ، و انه يفي بوعده باستخلاف يوسف و سجــود اخوته امامه وامرهم بتكرار ، المحاولة لعلهم يقرون على يوسف ، و نهاهم عن اليأس الذي هو بضاعة الكفار الذين لا يؤمنون بالله و برحمته الواسعة ، و استجاب اخوة يوسف لأمر والدهم الذي اشفقوا عليه ، و بلغ ندمهم على فعلهم السابق مبلغ التوبة النصوح .


فذهبوا الى مصر و دخلوا على العزيز و قالوا له بلهجة المتضرع : اننا قوم قد احاط بنا البلاء حتى تحسسنا بألم الفقر ، و لا نملك الا بضاعة رديئة . و نسألك ان تعتبرها جيدة فتوفي لنا الكيل بقدر البضاعة الجيدة ، و تصدق علينا بأطلاق اخينا فالله يجزي المتصدقين الذين يحسنون الى الناس ابتغاء مرضاته ، و رأى يوسف ان الوقت قد حان للكشف عن نفسه فقال .

هــل تذكرون ما فعلتم بيوسف في ايام جهلكم تحسبون ان باستطاعتكم سلب حب أبيه عنه ؟ و كان ابوهم قد اعطاهم الأمل في البحث عن يوسف ، و جاء سؤال العزيز عن يوسف غريبا فقالوا : أئنك لأنت يوسف . قال : انا يوسف و هذا أخي . انظروا كيف من الله علينا بسبب التقوى و الصبر و الاحسان ، و بالرغم من انفة اخوة يوسف الشديدة من الأعتراف بفضل يوسف سابقا . الا أنهم حلفوا الآن بالله بأن الله قد فضله عليهم ، و انهم هم الخاطئون ، فعفى عنهم يوسف ، و استغفر الله لهم و املهم من رحمة ربهم الذي هو ارحم الراحمين و طلب منهم العودة الى أبيهم مع قميصه ليستعيد بصره الذي فقده لحزنه ، و ليأتوا بأهله جميعا ليشهدوا نعم الله عليه .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس