فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
بين يدي يوسف
[88] و قام اخوة يوسف (ع) بشد الرحال الى مصر يحدوهم أمل جديد لانهاء مشكلة والدهم ، و قد بلغت الضراء بالنسبة اليهم حدا لا يطاق ، فدخلوا على يوسف في حالة يرثى لها اذ جاؤوا ببضاعة قليلة رديئة لا تساوي قدرا يذكر من الطعام ، و طلبوا منه ان يتقبلها منهمعلى اساس انها كاملة صالحة فيعطيهم من الطعام ما يعوض ضرهم . كما طلبوا منه ان يتصدق عليهم باطلاق سراح اخيهم . طلبا لجزاء الله الذي اعده للمتصدقين .

[ فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا و أهلنا الضر و جئنا ببضاعة مزجة ]اصل الكلمة الدفع قليلا قليلا . و سميت البضاعة اليسيرة و الناقصة بالمزجاة .

[ فأوف لنا الكيل و تصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ]الصدقة اصلها من تصديق و عد الله .

[89] لقد تحطم غرور اخوة يوسف (ع) على صخرة الواقع فهاهم يجأرون الى عزيز مصر لكي يرحمهم ، و يطلبون منه التصدق عليهم - و الجوع - و مشكلة والدهم ، و هاجـــس الذنب يقـض مضاجعهم ، و كان الوقت اذا مناسبا ليكشف يوسف عن لغز القصة . فبادرهم بسؤال مفاجئ .


[ قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف و أخيه إذ أنتم جاهلون ]ففي ايام جهلكم و صغر سنكم و كبر غروركم . القيتم يوسف اخاكم البريء في غيابت الجب . و استصغرتم اخاكم الثاني ، ثم تركتموه عبدا عند الغرباء بعد ان اثبتم عليه تهمة السرقـة و اتهمتم اخاه يوسف بهـا ، و الآن تطالبونني بالتصـدقو تزعمون ان الله يجزي المتصدقين ؟ الآن عرفتم هذه الحقيقة . ام لأنها في مصلحتكم توسلتم بها ؟؟


و حل اللغز :

[90] كان واضحا ان تقريع العزيز لم يكن عبثا ، و انما كان يتناسب مع شعورهم الداخلي لأن مشاكلهم انما هي بسبب ما فعلوه بأخيهم يوسف .. و هنا ادركهم روح الله الذي طلبوه بارشاد والدهم يعقوب - فعرفوا - بلغته الذكية ان الذي يخاطبهم هو يوسف ذاته .

[ قالوا أءنك لأنت يوسف ]

قالوا بلحن السؤال المليء بالتعجب و الشوق الى الجواب .

[ قال أنا يوسف و هذا أخي قد من الله علينا ]

و لم ينسى يوسف ان يذكرهم بعبرة الحياة و يقول :

[ إنه من يتق و يصبر فأن الله لا يضيع أجر المحسنين ]اي ان من يقاوم ضغوط الشهوات ، ويقاوم الحسد و الحقد ، و يبقى مستقيما على تقواه . صابرا على المكاره التي تصيبه بسبب التقوى .. فان الله يجزيه بقدر احسانه الى الآخرين ، و القرآن يؤكد في سورة يوسف على قيمة الأحسان لأهميتها في الملك ، و في الحصول على مغانم الدنيا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس