فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
من الظلمات الى النور
هدى من الآيات

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الله كانت دعـــوة الأنبيـاء .. بها ابتدأت و بها صبغت ، فأسم الله هو صفاته الحسنى التي تتجلى في الجـــلال و الجمال ، فـــي القــوة و الــروعة ، فــي الرحمة الواسعة المستمرة ، و اسم الله الرحمن الرحيم ، هو النقطة المركزية للأشعاع في القلب و العقل و السلوك .

[1] و الهدف من الرسالات و من كتاب الله الأخير " القرآن " اخراج الناس من الظلمات التي هم فيها الى النور النازل عليهم .

[ الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ]أولا : الكتاب الذي يرمز اليه الألف و اللام و الراء ، انزل من السماء ، و انتقل الى الرسول دون ان يكون فيه أثر من شخصه .


ثانيا : إنه لجميع الناس ، و هذا دليل انه جاء من أعلى ، دون ان يخضع لحدود الزمان و المكان ، و محددات المادة .

ثالثا : الظلمات هي الحالة الأولى التي كان البشر فيها على حالة من العجز و النقص ، و غلظة الروح ، و انغلاق النفس و الجهل ، و غلبة الشهوات ، و بتعبير آخر : إنها حالة العدمية المحيطة بالخلق من قبل أن يرش عليها ربنا من نوره ، خلقا و انشاء و قوة و علما.

و الرب الحميد الذي نفخ في هذا الانسان من نور الأيجاد ما أخرجه به من ظلمات العدم الــــى نور الخلق . هو الذي بعث بنور الرسالة ليخرجه به من ظلام الجهل الى نور العقل و العلم ، و من ظلام الجهالة و الجاهلية و الفوضى الى نور التزكية و التسليم و النظام.

[ بأذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ]

فليس الله باعث النور فقط ، بل هو الذي يرعاه أيضا لحظة بلحظة ، و خطوة بخطوة ، فلو لا تأييده لرسله لم يقدروا على انقاذ البشر من الظلام ، و اشاعة النور في حياتهم .

و النور الألهي هو الهداية الى السبيل المؤدي الى الله العزيز ، الذي قهر بقوته كل شيء ، و الحميد الذي وسعت رحمته كل شيء ، فلم يأخذ احدا بقوته الا بعد ان اتم عليه حجته و اسبغ عليه من نعمه ظاهرة و باطنة .


و ويل للكافرين من عذاب شديد :

[2] السماوات و الارض لله ، فمن أعز منه جانبا ، و من هو أحق بالخوف منه و هو الذي لا يرحم الكافرين ، بل يهددهم بعذاب شديد ، و ويل و ثبور .


[ الله الذي له ما في السموات و ما في الأرض و ويل للكافرين من عذاب شديد ]هذا صراط العزيز الذي أحاط بملكوته ما في السموات و الارض ، و ينتقم بشدة ممن يكفر به ، أو يتنكب عن صراطه .

[3] لا يجوز لنا نحن البشر ان نتكئ على رحمة الله و ننسى عقابه ، و نأمن من انتقامه ، لان تجربتنا في الحياة كشفت لنا عن وجود الآلام و المآسي الى جانب البركات و الرحمات ، و لكن بالرغم من ذلك نجد البعض يغترون بالجانب المخملي من الدنيا . لأنهم يفضلون العاجلة على الآخرة .

[ الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ]

فهم كالطفل لا ينظر ابعد من واقعه الحاضر ، و لا يؤمنون الا باللحظة التي هم فيها . أما المستقبل و العاقبة ، فهم يكفرون بهما ، شأنهم شأن الأنعام .

و هـــذه الجاهلية هي التي تدفعهم الى الكفر بما رواء حاضرهم المشهود من غيب معلوم .

و تراهم يصدون الآخرين عن سبيل الله ، و لا يدعون الناس يؤمنون باليوم الآخر ، ربما من أجل إبتزازهم و إستغلالهم ، بل أكثر من هذا فهم يحتالون على فكر الناس و يضلونهم بغير علم ، من أجل تحكيم سيطرتهم على المستضعفين .

[ و يصدون عن سبيل الله ]

إن الكافر الذي حليت الدنيا بعينه ، لا يردعه عن الشهوات و مصالح الدين ، فاذا علم ان مصالحه تتعارض و تعاليم الدين سوف يعارضها ، و إن وجد مقاومة منقبل الملتزمين بالدين ، فسرها حسبما شاء كما تفعل الصحف اليوم ، و قديما الأنظمة الفاسدة التي تمنع إنتشار الوعي الديني الا أنها كانت تنشر الضلالة باسم الدين .

[ و يبغونها عوجا ]

يريدون دينا يدعم مصالحهم ، و يؤيد أستغلالهم للناس .

[ أولئك في ضلال بعيد ]

فهم يحسبون الدنيا خالدة ، و يزعمون ان اللذات العاجلة كل شيء بالنسبة اليهم ! كلا .. أنها سبيلهم الى عذاب شديد .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس