التجزيئيون في الميزان [89] و بقدر ما يهتم الرسول بالمؤمنين يذر الكفار لشؤونهم ، و يكتفي بإنذارهم لأن الايمان أو الكفر لا بد أن يكونا بحرية الفرد التامة . [ و قل إني أنا النذير المبين ] [90] و ينـــذر الرسول كل الناس ، بعذاب شديد لو تركوا القرآن أو قسموه أقساما ، فتركوا جزء منه ذلك الذي يخالف هواهم . [ كما أنزلنا على المقتسمين ] أن أنزل العذاب عليهم . [91] أما المقتسمون فهم الذين فرقوا دينهم و هم : (1) المصدر [ الذين جعلوا القرآن عضين ] عضين جمع عضة ، و أصلها عضوة فنقضت الواو و لذلك جمعت عضين ، مأخوذ من الأعضاء ، يقال : عضيت الشيء أي فرقته و بعضته . و السؤال : من هم هؤلاء ؟ قال بعضهم : انهم اليهود و النصارى قبل الإسلام الذيــن فرقوا دينهم و كانوا شيعا . كل حزب بما لديهم فرحون ، و المراد من القرآن هو كتاب الله . بينما قال البعض : ان طائفة من قريش قسموا القرآن فقالوا : هذا سحر - هذا كذب - هذا شعر ، وكانوا ينتشرون في شعاب مكة يضلون الناس عن القرآن ، فعذبهم الله ، و أهلكهم جميعا . و يبدو ان التفسير الأول : أقرب بالرغم من ان القرآن مثله كمثل الشمس يجري في عهد اليهود و النصارى ، كما يجري في عهد المسلمين الأول في اولئك المستهزئين ، و في عهدنا يجري في اولئك الذي يؤمنون ببعض الكتاب و يكفرون ببعض بينما القرآن نزل مثاني تقشعر منهجلود الذين آمنوا ، و كله من عند الله . [92] و لكن هل يترك هؤلاء . أم هل يكتفي ربنا بعذابهم في الدنيا . كلا .. بل ان لهم يوما للحساب طويلا . [ فوربك لنسئلنهم أجمعين ] [93] [ عما كانوا يعملون ] [94] أما أنت يا رسول الله فعليك بالانذار بكل وضوح . [ فاصدع بما تؤمر ] و لا تخشاهم و لا تأبه بهم و لا تحاول أن تسترضيهم باخفاء بعض الكتاب و اظهار بعضه ، و معنى الصدع الجهر بالحق . [ و أعرض عن المشركين ] [95] و أكثر ما يؤلم الداعية و يثير أعصابه ، و يستقطب اهتمامه هم المستهزؤون الذيـــن يستخفون بالرسالة و الله سبحانه وعد أن يكفي رسوله و الدعاة الى الله شر هـــؤلاء . [ إنا كفيناك المستهزئين ] في التفاسير أنهم كانوا في عهد الرسول خمسة نفر من قريش أو ستة فأهلكهم الله عن آخرهم . [96] و هم في الواقع لا يستهزؤون بك انما هم مشركون ، و هم أعداء الله . [ الذين يجعلون مع الله إلها ءاخر فسوف يعلمون ] فمشكلتهم ليست معك لذلك لا يضيقن صدرك بأقوالهم . |
|