فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
لماذا الغيت المعاهدات :

[ 1] بعد ان هيمن الاسلام على شبه الجزيرة يفتح عاصمتها مكة ، و الانتصار على كبرى القبائل فيها كالهوازن . بقيت القبائل الصغيرة التي آمنها الاسلام و لكنها بطبيعة كفرها و شركها كانت تشكل جيوب المقاومة ، و تعرقل وحدة الجزيرة الادارية ، و كان مــن الواجبانهاء الصراع معها استعدادا للانتقال الى العالم ، ( خارج الجزيرة ) لذلك جاءت البراءة ، و الغاء المعاهدات بين المسلمين و المشركين ، ولكن اعطيت لهم مهلة اربعة اشهر يستعدون خلالها أما للتسليم او للحرب - ان شاؤوا - ولكن القرآن حذرهم ، ان ا لمقاومة لا تجديهم نفعا .

[ براءة من الله و رسوله الى الذين عاهدتم من المشركين ][ 2] [ فسيحوا في الارض اربعة اشهر و اعلموا انكم غير معجزي الله ]فلا تستطيعون تعجيز الله وسلبه قدرته المطلقة سبحانه ، ولكم الحق في التجول الحر في ارض الجزيرة لمدة اربعة اشهر .

[ وان الله مخزي الكافرين ]

يفشل خططهم ، و يسلب منهم ارادتهم ، ولا يبلغهم اهدافهم .

جاء في الحديث الماثور عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : " خطب علي (عليه السلام ) في الناس و اخترط سيفه فقال :

" لا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يحجن البيت مشرك ، ومن كانت له مدة فهوالى مدته ، ومن لم يكن له مدة فمدته اربعة اشهر "وكان خطب يوم النحر ، وكانت عشرون من ذي الحجة و محرم و صفر و شهر ربيع الاول و عشر من شهر ربيع الاخر ، وقال :

" يوم النصر يوم الحج الأكبر "

و يبدو من هذا الحديث : ان القرآن انما ألغي العهود التي كانت مطلقة وقابلة للالغــاء وكانــت تلك شريعة المتعاهدين من العرب . اما العهود التي كانت لها مدة معينة ، فانها لم تلغ بهذا القرار .

ومن جهة اخرى .. في تلك السنة جرت بدعة النسيء و تأخير أشهر الحرم عن موعدها المحدد ، والتي يتحدث عنها القرآن في آية اخرى و لذلك حدد القرآن العهود الى أربعة اشهر وفي آية قادمة ربط الموضوع بانتهاء الاشهر الحرم .. بينما كان الاعلان في موسم الحج الاكبر والذي كان في أيام الاجتماع الكبير بمنى .

[ 3] و كرر القرآن اعلانه العام لكل المشركين الذين تربطهم اولا تربطهم مع الجبهة الاسلامية معاهدة .

[ واذان من الله و رسوله ]

و يكرر كلمة الرسول هنا لانه منفذ تعاليم الله ، وللاشارة الى ان القضية ليست وصية دينية فقط ، بل هي ايضا حقيقة سياسية جديدة .

[ الى الناس يوم الحج الاكبر ]

يوم الاجتماع العظيم في مكة ، بمناسبة الحج في ذي الحجة الحرام . وقد كانت هناك مواسم اخرى اقل اجتماعا من الحج الاكبر ، وقيل ان المراد بالحج الاكبر هوالموسم الذي اجتمع فيه المؤمنون و المشركون معا ، لانه بعد تلك السنة لم يحج المشركون ابدا .

[ ان الله برىء من المشركين و رسوله فان تبتم فهو خير لكم وان توليتم فاعلموا انكم غير معجزي الله ]ومقاومتكم لا تجديكم شيئا .

[ و بشر الذين كفروا بعذاب اليم ]

في الاخرة ، كما في الدنيا .

[ 4] إلغاء العهود و الاحلاف التي كانت بين المسلمين و المشركين كان محددا بما يلي :

الف : اما الغائها بسبب نقض المشركين لروح المعاهدة او لبنودها .

باء : واما لانتهاء مدة المعاهدة .

جيم : واما لان المعاهدة كانت اساسا مطلقة و يجوز لأحد الطرفين الغاؤها بشرط اعطاء مهلة كافية للطرف الثاني .. و يبدو ان اكثر المعاهدات التي كانت تعقد بين العرب كانت من هذا النوع ، ولذلك جاء في هذه الآية تأكيد على الوفاء بالمعاهدات المحددة بمدة معينة ،والتي لم ينقضها الطرف الاخر ولم يخالف روحها .

[ الا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ]أي لم يخالفوا بنودها .

[ ولم يظاهروا عليكم احدا ]


فلم يخالفوا روح المعاهدة .

[ فاتموا اليهم عهدهم الى مدتهم ]

أي الى انتهاء مدتهم كما فعل الرسول بقوم من بني كنانة ، وبني ضمرة . كان قد بقي من اجلهم تسعة اشهر فأمر باتمامها لهم لانهم لم يظاهروا على المؤمنين ولم ينقضوا عهد رسول الله .

وكما فعل مع أهل هجر واهل البحرين وايله ودومة الجندل ، حيث وفى بعهده معهم الى نهاية حياته [ صلى الله عليه وآله][ ان الله يحب المتقين ]

الذين يلتزمون بالعهود و المواثيق مع المسلم و الكافر و البر و الفاجر .


لا لتجديد العهود :

[ 5] بعد اشهر الحرم التي يحترمها الاسلام اذا احترمها الاعداء . بعدئذ يجب قتل المشركين اينما وجدوا .

[ فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ]و الاشهر هي ذو القعدة و ذو الحجة و محرم ، و بعدها يأتي شهر صفر الذي كان اخر مهلة للكفار .

[ و خذوه ]

اسرى

[ و احصروهم ]


أي ضعوهم في محاصرة قواتكم لكسر شوكتهم و هزيمتهم معنويا ، للتقليل من نسبة القتلى .

[ و اقعدوا لهم كل مرصد ]

أي انشروا حول مواقعهم مراكز الرصد و الرقابة حتى تعرفوا تحركاتهم .

[ فان تابوا و اقاموا الصلاة و اتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ]دون ان تحققوا في مدى صحة ادعائهم بانهم اسلاميون .

[ ان الله غفور رحيم ]

مع شدة الامر و عظم المصيبة التي امر الله سبحانه بانزالها بالمشركين .. بوضح السياق ان بابا عريضا قد فتح امامهم و هو باب التوبة . وان الله غفور رحيم بكل من يقبل بولاية الاسلام و يسلم تسليما .

وما ذلك البلاغ الصارم .. إما الاسلام أو الحرب ، ما هو إلا رحمة للناس أرادها الله لهم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس