فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
إبلاغ الرسالة :

[ 6] الهدف الاساسي للصراع مع المشركين هو ابلاغ الرسالة اليهم ، و الطلب الوحيد منهم هو استماعهم لها من دون حجاب او عقدة مسبقة . لذلك لو طلب احد من المشركين الامان حتى يأتي الى الديار الاسلامية و يستمع من قرب الى تعاليم الرسالة ، فان الاسلام يؤمن لهطلبه ، لان كثيرا منهم يحارب الاسلام من دون وعي ولا يعلم بحقيقة الرسالة ، ثم ان لم يقتنع لا يغدر به بل يبلغه مأمنه بكل اعتزاز .

[ وان احد من المشركين استجارك ]

أي طلب الحماية ، و كانت تلك عادة عربية عريقة ، ان الواحد منهم يطلب من رئيس القبيلة المنيعة الجانب الحماية ، فتعطى له و يحفظ خلال فترة الاستجارة .

[فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مامنه ]

لماذا يعطى للمشرك الحماية بالرغم من حربه مع الاسلام ؟ لان المشركين لا يعلمون الحقيقية .

[ ذلك بانهم قوم لا يعلمون ]

و هكذا ترى الاسلام لا ينسى رسالته في زحمة الصراع السياسي ، كما يؤكد على دور الاعلام الامين في الصراع . ان علينا الا نعتبر الاعداء كتلة صخرية لا تتفتت .


بل هم بشر وجهلة ، يؤثر فيهم الحديث و يبلغ قلوبهم الهدى المبين و يقلل الاعلام من حجم الخسارة .

[ 7] ما هي خلفية سلوك المشركين عموما ؟

انهم لا يلتزمون بقيمة سامية لذلك لا عهد لهم ولا ذمة ، الا اولئك الذين عاهدهم المسلمون فيلتزمون بذلك العهد ، مادام المشركون يلتزمون بشروطهم .

[ كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ]

وفي الآية التالية يبين القرآن سبب هذا الحكم ، وهو اسقاط احترام المشركين ، اما هنا فهو يستثني المعاهدين .

[ إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ان الله يحب المتقين ]أي الذين يلتزمون بمواثيقهم و عهودهم مع الناس ، حتى ولو لم يكونوا مسلمين . و تدل الآية على ان من شروط التقوى الوفاء بالعهد مع المسلم و الكافر .


المشركون المعاهدون :

[ 8] اذا امتلك المشركون القوة ، و غلبوا المسلمين فهل سيراعون لهم عهدا أو حلفا ، وهل يحترمون دماءهم و اموالهم ؟ كلا ..

[ كيف وان يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم الا ولا ذمة ]أي حلفا و لاعهدا .

اما الان فهم يتظاهرون بالتمسك بحسن المعاملة و احترام حقوق الاخرين .


[ يرضونكم بافواههم ]

بكلماتهم الفارغة التي لا تتعدى اللسان .

[ و تابى قلوبهم ]

و ترفض نفوسهم الالتزام بما وراء هذه الكلمات .

[ واكثرهم فاسقون ]

غير ملتزمين اساسا بعهد او قيمة .

[ 9] وهل يتمسك بالقيمة من يبيع دينه بثمن بخس .

[ اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ]

و مهما يكن الثمن الذي يعطى في مقابل الالتزام بالقيمة المعنوية فانه قليل . اذ ان شخصية الانسان و كرامته وحتى مدنيته انما هي بمعنوياته ، و بمدى التزامه بقيمه في الحياة . انظر كيف انهم حين باعوا دينهم اخذوا يصدون عن سبيل الله ، و يمنعون كل عمل الخير !
!

[ فصدوا عن سبيله انهم ساء ما كانوا يعملون ]

[ 10] انهم لا يعتنون بحقوق الناس و خصوصا المؤمنين .

[ لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ]اولا ، واما معاملة المسلمين معهم فهي رد الاعتداء . كما هو الحال اليوم بين الامة الاسلامية المطالبة بحقوقها المهتضمة ، وبين الطواغيت في الارض ، الذينيطالبون ابدا باحترام القوانين الجائرة المفروضة علينا . بينما هم لا يعتنون بأبسط حقوقنا و يعتدون علينا ، ولذلك فنحن لا ننظر الى كل واقعة .. واقعة مجردة عن التسلسل التأريخي للاحداث ، بل علينا ان نحدد سياستنا معهم على ضوء مجمل معاملتهم معنا ، و نوع العلاقة القائمة التي تحكمنا و اياهم .


التوبة باب الرحم الالهية :

[ 11] امام هؤلاء المشركين باب عريض من التوبة و اصلاح انفسهم ، وانئذ يصبحون اخوة لنا .

[ فان تابوا و اقاموا الصلاة و اتوا الزكاة فاخوانكم في الدين ]لا فرق بينكم و بينهم ابدا . لان الاسلام يرفض الفوارق العرقية و العشائرية أو الاقليمية ، و كذلك لا يعترف بالأسبقية الايمانية . بمعنى سيطرة السابقين من المؤمنين قديما على اللاحقين جديدي الايمان . بل يعترف بالأسبقية في حدود ضيقة يعطيهم اولوية الثقة والاحترام فقط .. و فيما وراء ذلك فهم اخوة متساوون امام الله و الشريعة .

[ و نفصل الآيات لقوم يعلمون ]

و يفهمون الفرق بين الاحكام التي شرعت للموضوعات المختلفة .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس