فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
الانتماء المصلحي :

[ 58] الفرق بين تركيبة المجتمع المسلم الرسالي و بين المجتمعات الاخرى . أٍن الحبل الرابط بين أبناء المجتمع الرسالي هو المبدأ فالايمان بالاسلام هو الذي يجعل مجموعة من البشر المختلفين ( ثقافيا - طبقيا - عنصريا - ولونا - و لغة - و قوميا ) يذوبون في بوتقة الامة الواحدة ذات القيادة القويمة القوية .

وكل فرد يسلم عمليا و نفسيا لهذه القيادة و يجعل انتماءه اليها مشروطا بمدى تجسيد القيادة للقيم الرسالية و تنفيذها للواجبات الدينية .

لذلك ترى القيادة هنا متحررة من الضغط و الاغلال فلا تخشى إنهيار صرح قيادتها لو خالفتها طبقة او سحقت امتيازا أو ألغت عادة عشائرية شاذة .

الانتماء الى القيادة ليس على أساس المصالح المادية حتى اذا فقدت القيادة الثروة ضعفت أو انهارت ، ولا هي قائمة على أساس عشائري أو قومي حتى تكون قائمــة على ظلم سائر العشائر و القوميات ، و اعطاء المزيد من الامتيازات لهذا أو ذاك ، كلما شعرت بالضعف .


أما المنافقون فانهم يريدون القيادة بقرة حلوب يحبونها مادامت تعطيهم لبنا سائغا ، والا فهم ينقلبون عليها .

[ ومنهم من يلمزك في الصدقات ]

أي يتصرف بطريقة توحي باستعطائك من الصدقات . و الصدقات - حسبمايبدو لي - كل الأموال التي ينفقها المؤمنون بوازع ايماني .

[ فان اعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها اذا هم يسخطون ]على القيادة و يعارضونها .

[ 59] بيد ان تشجيع العمل الصالح في المجتمع . انما يتم بتكافؤ الفرص الذي يضمنه القانون الاسلامي و تطبقه القيادة العادلة النابعة من ايمان الجماهير بالاسلام ، و تسليمهم النفسي للقيادة . ان هذا القانون هو الذي يدفع الجميع الى العمل البناء و يوفر الأمنو التقدم للجميع .

وهو بالتالي أنفع من أصحاب الامتيازات الباطلة الذين يحاولون تحريف المجتمع باتجاهها .

[ ولو انهم رضوا ما اتاهم الله و رسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ]فحين تلغى الامتيازات يتقدم الجميع بسبب العمل البناء الذي ينعكس على كل حقول الحياة الاجتماعية و الاقتصادية .

[ انا الى الله راغبون ]

فحتى لو لم أحصل شخصيا على مكسب في الدنيا ، فان الجزاء في الاخرة سوف يتضاعف .


أين تصرف الصدقات ؟

[ 60] أما مصارف الصدقات فتكون في الطائفة الضعيفة و ليس لأصحاب[ و الغارمين ]

الذين لا يقدرون على الوفاء بديونهم .

[ وفي سبيل الله ]

أي في كل مصلحة أمر بها الله من بناء الجسور ، و تعبيد الطرق ، و إقامة المشاريعالانمائية ، و الخدمات الصحية .. و ما أشبه .

[ وابن السبيل ]

وهو المسافر الذي انقطع عن أهله و لا يملك ما يوصله اليهم ، فيدفع اليه زادا و نفقة كافية .

[ فريضة من الله و الله عليم حكيم ]

وتجديد مصارف الاموال العامة خصوصا بعد ذكر كلمة الحصر ( إنما ) ينقطع أمل المنافقين من الطفيليين و أصحاب الامتيازات ، فلا يطمعون في إبتزاز القيادة الاسلامية ، و اننا نجد في سلوك الامام علي ( عليه السلام ) مع أخيه عقيل ، ومع أصحاب الامتيازات الباطلة ما يجعلنا نفهم بعمق طبيعة القيادة الرسالية .

لقد جاء عقيل الى علي ( عليه السلام ) وهو أمير المؤمنين يطالبه بزيادة في العطاء - وقد أملق إملاقا - فحمى علي ( عليه السلام ) حديدة و قربها الى يده و كان عقيل ضريرا ، وكانت له عائلة كبيرة ، فمد يده ليأخذ المال بزعمه فاذا به يحس بحرارة الحديدة فقال له:

" ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة احماها إنسانها للعبة ، و تجرني الىنار سجرها جبارها لغضبه . أتئن من الأذى ولا أئن من لظى " ؟ !


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس