فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
واجبات و أولويات المؤمن :
[ 119] ثلاث واجبات متكاملة ينبغي ان يعقد المسلم عزمه على تحقيقها :
اولا : الايمان المستقر في قلبه .
ثانيا : التقوى و تنفيذ سائر الواجبات الاسلامية .
ثالثا : ان يكون مع الصادقين وهم التجمع الرسالي .
[ يا ايها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ]وأي واحد من هذه الواجبات الثلاث لا يكتمل من دون سائر الواجبات ، و بالذات الانتماء الى تجمع الصادقين ، و التفاعل معهم ثقافيا و اجتماعيا و اقتصاديا ، و مشاركتهم الهموم و الآمال . ذلك لأن هذا التجمع حصن الايمان و التقوى ولأن ضغط الحياة و تحدياتها كبيرة ولا يستطيع المؤمن أن يواجهها وحده .
صفات المجتمع الرسالي :
[ 120] المجتمع المستقر الراكد ليس مجتمعا رساليا ولا مسلما لأن الاسلام الحقيقي هو الاهتمام بشؤون الاخرين ، و الدفاع عن حقوق المستضعفين الى درجة الجهاد من أجلهم ، و المجتمع الاسلامي لا يجمد في حدود اقليمية ضيقة ، ولا يقول بناء الوطن اولا ، ثم الانطلاق لاصلاح الاخرين لأنه لا وطن للفضيلة و الخير ، ولاحدود للعدالة و الرفاه .
وهكذا كان الرسول (ًص) نذيرا للعالمين ، وهكذا كان يجب على أهل المدينة وهم أبناء المجتمع الاسلامي الاول ، ان يتبعوا الرسول في حمل رسالته بلاغا و تنفيذا ، قولا و عملا .
[ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ]فيقعدوا في بلدهم و يطبقوا الاسلام و يقولوا علينا باصلاح بلدنا وحده . كلا .. كان عليهم ان يسيروا في الارض كما كان يسير رسول الله (ص) ، و يحملوا على أكتافهم مشعل الرسالة الى كل مكان . أو كانت نفوسهم أعز من نفس رسول الله (ص) ، من يدعوا نفس رسول الله تتعرض للمصاعب و الأخطار بينما نفوسهم آمنة في المدينة ؟
[ ولا يرغبوا بانفسهم عن نفسه ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ]وبالتالي لا يصيبهم مكروه الا وهو مسجل عند الله تعالى و يوفيهم جزاءهم كاملا .
[ ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ]
فسواء بقوا او اتبعوا العدو تضرروا او أضروا بالمخالفين .
[ ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين ]فهناك مقياسان للعمل الذي يجازيه ربنا الرحيم به :
المقياس الاول : ان تحسب مقدار عنائك و تعبك .
المقياس الثاني : ان تقيس مقدار تجسد عملك في الخارج و بالذات اثره في عدوك ، فان الله سبحانه حسب هذا المقياس او ذاك سوف يجزيك دون ان يضيع عنك اجرا .
ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره :
[ 121] كذلك الله يحسب حساب نفقاتك وحتى خطواتك .
[ ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون ]فالجزاء دقيق وافضل من العمل ، ولذلك لا تنظر الى عملك نظرة مطلقة وعامة ، بل انظر الى كل جزء من عملك ، واعلم بأن لكل جزء جزاء . مثلا : اعلم بأن كل تسبيحه تعني شجرة في الجنة فاشتل أكبر عدد ممكن من الاشجار في الجنان بأكبر قدر ممكن من التسبيح ، واعلم بأن كل خطوة تجازي بغرفة فابن لك غرفا أكثر بخطوات أكثر تخطوها للعمل الاسلامي .
الامة الاسلامية و واجب الطليعة :
[ 122] المجتمع الاسلامي مجتمع رسالي متحفز ابدا الى الامام ، وهو لذلك بحاجة الى طليعة رائدة همها الوحيد التفقه في الدين و التعمق في رسالته السماوية فهما و تطبيقا . وتكون هذه الطليعة شاهدة في الأحداث و قريبة من القيادة ، بينما يبقى الاخرون في أرضهم يقومون باعمالهم العادية .
[ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ]
فيجتمعوا جميعا حول الرسول في المدينة او يخرجوا معه الى الغزوات .
[ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ]
أي نفر من كل فريق و مجموعة متماسكة بعض ليقوموا بالواجب نيابة عن الاخرين ، فمثلا من كل عشيرة ، ومن كل منطقة بعض أهل العشيرة ، وأهل المنطقة ليكون أقرب الى واقعهم و اعرف بمشاكلهم .
[ ليتفقهوا في الدين ]
أي ليعرفوا الدين أعمق و أفضل ، أما وظيفة هؤلاء بعد التفقه في الدين فليس الجلوس و اجترار الحسرات بل الانذار .
[ و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ]
صفات الفقهاء :
الفقهاء في الاسلام يتصفون بثلاث صفات :
اولا : انهم ليسوا من طبقة أو عرق معين بل من صميم كل المجتمعات .
ثانيا : انهم يتعلمون الفقه داخل ساحة العمل الرسالي و ليس في زوايا المساجد او المدارس ، بل انهم ينفرون مع الرسول او مع القيادة الرسالية ، و يتعلمون الدين عبر الصراع القائم بين الجاهلية و الاسلام .
ثالثا : انهم سوف لا يجمدون بعد التفقه ليأتي اليهم الناس ، بل ينطلقون الى مواقع قومهم و يقومون بواجب الانذار .
و الانذار بهدف ايجاد روح الحذر و التقوى عند الناس لذلك يجب الا يقتصرالانذار على مجرد اسقاط الواجب الشرعي ، بل يستمر الى تحقيق هدفه وهو تربية روح الحذر في الناس .
|