فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
العجلة من الشيطان :
[ 11] لقد فطر البشر عن البحث عن الخير العاجل ، و اذا قام بعمل حسن انتظر جزاءه فورا ، و قليل من الناس أولئك الذين يعملون الان ليحققوا مكاسب في المستقبل البعيد .
ولكن الحياة ليست بأماني الاحياء ، لذلك تجد الجزاء قد يتأخر سنين عديدة ، ولو ان ربنا سبحانه خلق الحياة بحيث يجازي العاملين فيها فورا ، اذا انتهت فرصة اختبار الانسان في هذه الحياة الدنيا .
ان جزاء من يرتكب المعاصي الكبيرة أن يهلك هلاكا ، فهل ترضى ان يحيط بك جزاء معاصيك فور ما تقوم بها ، ودون إعطائك فرصة للمراجعة و الأصلاح ؟! كلا .. وهكذا عليك ان ترضى بهذا الوضع عموما ، وهو تأخر الجزاء خيرا كان أو شرا ، و ليس من الصحيح أن تطالب بتــأخير جزاء الشر ، و تستعجل الله في جزاء الخير ، فالحياة واحدة ، و السنن الحاكمة عليها واحدة ، في حقلي الخير و الشر معا .
[ ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي اليهم اجلهم ]لقد أعطى الله للناس فرصا محدودة ، ولهم أن يختاروا خلالها طريقهم ، وفي نهاية المطاف سوف يأخذون جزاءهم الاوفى .
[ فنذر الذين لا يرجون لقالأنا في طغيانهم يعمهون ]أي يترك الله الذين لا يؤمنون به و باليوم الآخر حيث يلاقون فيه ربهم ليجازيهم بتركهم فاقدي الرؤية بسبب ظلام الطغيان الذي يحيط بهم .
الطغيان عمى البصيرة :
[ 12] الطغيان يفقد الرؤية ، و الاسراف ينسي النعم و يبطر أصحابها ، ان المسرف يزعم أن النعم ملك مورث له ، ولذلك فهو لا ينتبه الى حقيقة عبوديته و ضعفه و صغاره الا بعد أن يفقد النعم ، فتراه يتضرع الى الله حتى يعيدها عليه ، فاذا انتهت محنته يعود الى سابق غروره ، كل ذلك بسبب الاسراف ، و بسبب الاعمال السيئة التي كان يقوم بها بدافع الاسراف ، فتطبع بها و اعتاد عليها .
[ واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما ]أي دعا ربه في كل الحالات ، او في مختلف حالاته الصعبة .
[ فلما كشفنا عنه ضره مر كان لم يدعنا الى ضر مسه ]فبدل الوقوف للشكر تراه يمشي من دون اعتناء ، و كأنه لم يصب ابدا بمصاب و لم يدع دعاءا ؟!
[ كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ]
وعلى الانسان ان يتحرر من سلبيات النعم التي ينزلها الله له ، ومن أخطرها حبه لنوع حياته ، و استئنافه بنمط معيشته ، اللذان قد يدفعانه الى الغرور والى ارتكاب معاصي كبيرة .
الهلاك مصير المجرمين و سنة الحياة :
[ 13] الجزاء يتأخر وقد تطول المسافة بين العمل و الجزاء ، بيد أن ذلك لا يعني ابدا ان الجزاء لا ياتي ، وعلى البشر أن يفهم هذه الحقيقة جيدا : ان الجزاء حق لا ريب فيه ، وان يذكر نفسه بمصير الهالكين من قبله ، الذين أخذهم الله بشدة بعد أن توافرت عوامل هلاكهم والتي تتلخص في ثلاث فلقد ظلموا ، فبعث الله لهم رسلا بالبينات فما ءامنوا هنا لك أهلكهم الله .
[ ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا و جاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ]إنها سنة عامة تختص بالقرون السابقة ، فعلينا جميعا انتظار ذات المصير اذا اجرمنا .
[ 14] وبالذات على المجتمعات ان تدرك هذه الحقيقة الهامة ان وجود نسبة عالية من الفساد الخلقي أو الاقتصــادي أو السياسي ، سوف تقضي عليها قضاء تاما ولو بعد حين ، لذلك ينبغي ان ينشط الجميع من أجل تقليل هذه النسبة حتى لا تنطبق عليهم صفة القوم المجرمين .
لذلك ترى القرآن يذكرنا بأننا خلائف أولئك الهالكين ، و تنطبق علينا ذات القوانين الفطرية .
[ ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون ]فنحن خلفاء أولئك ، و الهدف من اعطاء الفرصة لنا دونهم ان الله يريد ان يبتلينا ، فهل نعقل تجاربهم ولا نكرر اخطاءهم أم ماذا ؟!
|