فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
رزق الأرض و السماء :

[ 31] يهبط من السماء الماء ، ولكن ليس بطريقة عشوائية ، بل بحكمة بالغة ، فالماء لا يسيل كما تنفتح القربة ، حتى يفسد الأرض و يخرب البيوت ، و يأتي مشفوعا بالمواد الضرورية للزرع ، و ينزل معه فراتا سائغا ، و يأتي بقدر نافع لا يزيد ولا ينقص و بالتالي فهورزق للانسان متناسب مع حاجات البشر حجما و نوعا ، مما يدلنا على أن خالق الانسان هو رازقه الماء من السماء ، و الشمس تشع على الارض ، فتغنى التربة موادا نافعة لرزق الانسان كمية و كيفية ، مما يدلنا ايضا ان خالق الشمس هو خالق البشر و هكذا يرزق الله عباده من السماء .

و مخازن الرزق متواجدة في الأرض ، فالأحواض الطبيعية الضخمة داخل الأرض تستقبل مياه المطر لتخرجها في صورة ينابيع ، و قمم الجبال تجمد الماء من الشتاء الى الصيف ، و التربة تختزن المواد المفيدة ، و هكذا يرزق الله عباده من الأرض .

[ قل من يرزقكم من السماء و الأرض ]

أوليس هو ذلك القادر الحكيم الرحيم بالناس ، أو ليس هو الله ؟!


من الخالق ؟

و نتساءل : من الذي يوفر للانسان فرصة الاتصال بالحياة رؤية أو سماعا ، بما يستلزم من أنظمة معقدة في مخ البشر و أعصابه ، و ألياف عينه ، و عظام أذنه ، و بما يحتاج من ضياء وهواء يحمل الى عيوننا و اسماعنا تموجات النور على الاشياءو ذبذبات الصوت على الهواء ؟ أوليس هو ذلك الخبير اللطيف ، أو ليس هو الله ؟!ّ[ أمن يملك السمع و الابصار ]

وأكثر من هذه جميعا هو التطور الهائل الذي يحدث في الاشياء صعودا من الموت الى الحياة ، و نزولا من الحياة الى الموت ، من الذي يدبر هذا التطور أوليس مالك الموت و الحياة ؟!

[ ومن يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي ]

ويبدو من هذه الكلمة ان الحياة هبة الهية تعطى لشيء فيصبح حيا ، و ينفصل من واقع الاشياء الميتة بعد أن يكتسب منها مواد ميتة ، فالبشر - مثلا - كان نطفة اعطاها الله الحياة ، ثم تتغذى النطفة من المواد الميتة ، فتضاف اليها و تصبح تلك الميتة بدورها ذات حياة ، و العكس يحدث هكذا !!

[ ومن يدبر الأمر ]

ان قيادة الكون منظمة ، وهي توحي الينا بضرورة من يشرف عليها و يدبرها ، لا يكون غير الله ، وهذه الأسئلة لو وجهتها الى أي واحد من المشركين ..

[ فسيقولون الله فقل افلا تتقون ]


لماذا الانحراف ؟

فمادام الله هو فاعل كل ذلك فلماذا لا نخشاه ونتقه ؟ و نعمل بمناهجه ؟ ان القرآن الحكيم يربط بين النظرة الشاملة الى الكون و بين البصيرة السلوكية الخاصة ، و هذا الربط هو الذي ينقص كثيرا من الناس ، حيث يجهلون ان سلوكهم يجب ان يكون منسجما مع مسيرة الكونكلها ، و مع الحقائق التي يهتدي اليها الانسان من


خلال تفكره في هذه المسيرة .

[ 32] واذا شذ البشر عن المسيرة العامة للوجود فالى أين يشذ ؟ أوليس الى الضلال ؟ هل هناك حقائق في هذه الحياة ؟ هناك حق واحد يجب ان نفتش عنه ، و نطبقه على واقعنا .

[ فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون ]أي الى أي جهة تعدلون بعبادتكم ، الى الباطل أم انكم تعملون من دون تفكر ؟!

[ 33] و يبقى تساؤل اذا كانت القضية بهذا الوضوح ، فلماذا يتعمد البعض بتجاهلها و اهلاك انفسهم ؟

ويجيب القرآن الحكيم : ان السبب هو فسق هؤلاء الذي يمنعهم من الايمان ، هذه سنة الله في الحياة : ان الفاسق لا يؤمن .

[ كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا انهم لا يؤمنون ]ولا يدل ذلك على ان الله يمنعهم عن الايمان منعا ، بل على انهم عادة لا يؤمنون ، ذلك بسبب تكاثف حجب الفسق على أعينهم و بصائرهم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس