فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
الوحي هدى الطريق :
[ 59] لقد جاء الوحي ليملأ فراغا حقيقيا في الحياة ، ذلك لأن الحياة نعمة واسعة من الله علينا فلا يحق لنا بل لا ينبغي أن نتحرك فيها من دون هدى الله الذي يرسم لنا خريطة التحرك ، ويحدد لنا معالم العمل .
[ قل ارايتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما و حلالا ]وهل يحق لنا أن نتصرف في رزق الله ، و نقول : هذا حرام وهذا حلال ؟ كلا .. بل علينا أن نتقيد وفق اذن الله .
[ قل ءالله اذن لكم ام على الله تفترون ]
انها قضية فطرية ، ان التصرف في نعم الله لا ينبغي ان يكون من دون اذنه ، وهل اذن الله للناس اذنا مطلقا بالتصرف في ملكوته ، من دون عقل كاف و علم ، ام انه كذب و افتراء ؟ أجل ان علينا أن نبحث عن وحي الله ليحدد لنا خريطة الحياة .
[ 60] وماذا يتصور الذين يفترون على الله الكذب ، و يشرعون من دون اذن الله ؟ و كيف يمكن ان يعاملهم الله هناك . وقد كفروا بانعم الله ، فحرموها على انفسهم وعلى الناس من دون اذن الله ، هل يعذبهم ام يغفر لهم ؟!
ان مجرد التفكير في ان المشرع سوف يسأل امام الله يوم القيامة يكفيه رادعا عن التشريع بالهوى .
[ وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة ]لقد من الله بمختلف النعم على البشر و سخر للانسان مافي السموات وما في الارض ، و زوده بقدرة الارادة و نور العقل و سلامة الجسد ، ولكن الناس ضيقوا على انفسهم و حددوا طاقاتهم بلا سبب ، فرسموا لبعضهم البعض الحدود الزائفة في الأرض ، قائلين هذه أرضك وهذه أرضي ، ثم وضعوا انظمة للتجارة و الصناعة ، ومن ثم صنعوا الأغلال الفكرية و الأثقال الثقافية و وضعوها حول نفسيات البشر ، من خوف الطبيعة الى خشية الابتكار الى المحرمات الكثيرة التي ما انزل الله بها من سلطان ، الى الرسوم و العادات الباطلة ، وكل ذلك منعهم منالانتفاع بنعم الله وكان بمثابة الكفر بتلك النعم .
[ ان الله لذو فضل على الناس ولكن اكثرهم لا يشكرون ]وهل هذا شكر لفضل الله على الناس ، ان يحرموه على انفسهم ؟! من هنا ينبغي ان يسارع البشر الى وحي الله ، ويؤمن به و يتخذ منه تشريعاته دون ان يحيد عنه قيد شعرة ، لا زيادة ولا نقيصة ، حتى ينتفع بالنعم .
الرقابة الالهية :
[ 61] البشر محاط برقابة الله عليه ، فلا يكون في وضع ولا ينتمي الى فكرة ولا يعمل عملا الا و يشهد الله عليه ، لأنه حاضر عنده و ليس بغائب عنه ، اذا فعلى البشر ان يجعل اوضاعه و أفكاره في أطار الوحي ، و وفق تشريعات الله ، ولا يسترسل في قراراته حسب اهوائه .
[ وما تكون في شأن ]
أٍي في حالة من الاحوال .
[ وما تتلوا منه من قرآن ]
أي ما نقرأ من القرآن - حول ذلك الشأن - هذا عن الرسول و المؤمن الذي يتبع في شؤون هدى القرآن ، أما بالنسبة الى غيره فما يتلوه هو أفكاره النابعة من اهوائه ، و الله سبحانه شاهد عليها كما هو شاهد على شأنه و عمله .
[ ولا تعملون من عمل ]
تحول الخطاب الى الجماعة بعد أن كان فرديا ، و السبب قد يكون ان لكل انسان شأنه وفكره ، ولكن العمل عادة ما يكون جماعيا يقوم به أولا اقل يرضى به مجموعة من الناس فيشتركون في مسؤوليته ، ولو بقدر الرضا عنه و عدم ردع عامله .
[ الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه ]
أي حين تخوضون فيه وكأنكم منفلتون عن القيود ، أحرار في التصرف لكم مطلق القرار في العمل ، بينما الواقع غير ذلك وهو أنكم محدودون في أطار شهادة الله عليكم ، لذلك اتبعوا هدى الله .
[ وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين ]ان كل شيء له وزنه الخفيف او الثقيل ، ابتداء من وزن الذرة الصغيرة و حتى وزن المجرة الكبيرة ، انها جميعا محسوبة عند الله ، و مسجلة في كتاب واضح لا تختلط اوراقه ، او تضيع معلوماته ، من هنا ينبغي ان يتصرف البشر بعقل و بحذر ، يضع كل شيء موضعه المناسبولا يرفع قدما ولا يضع خطوة ولا يتحرك قليلا او كثيرا ، الا وفق برنامج معد سلفا ، مطابق للوحي ، حتى لا تسجل ضده نقطة في كتاب الله ، وفي الدرس القادم يبين القرآن كيف يتجنب الفرد هذه المشكلة ، مشكلة الاسترسال في الحياة .
|