فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
و دقت ساعة الصفر :
[ 79] وحانت لحظة المواجهة ، التي كشفت الخلفية الغيبية للرسالات السماوية والتي تميزها كليا عن الدعوات الاصلاحية أٍو الثورات الاجتماعية أو الصراعات السياسية ، تلك اللحظة التي وقف فيها موسى ( رسول الله ) يتحدى كل أسلحته الطاغوت بايمان راسخ و عزم شديد.
[ وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم ]
[ 80] [ فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما انتم ملقون ]لقد تحداهم موسى لأنه لا يرهب قوة سحرهم ، لا لأنه كان يعرف ماذا سيحدث إذا ألقوا سحرهم تفصيليا ، بل دون ان يعرف ما هو سحرهم بالضبط ، ولكنه كان عالما بالنيجة عن طريق ايمانه بالله .
[ 81] [ فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر ان الله سيبطله ]و علمه بأن الله سبيطل سحر السحرة كان بدوره نابعا من معرفته بسنة الله في الحياة التي تقضي بابطال الفساد .
[ ان الله لا يصلح عمل المفسدين ]
و السحــرة مفســدون ، لا يهدفون اصلاح المجتمع بعلمهم ، و الفساد شذوذ ينتهي ،و انحراف يزهق ، و باطل لا يدوم ، و الله لا يصلحه ، بعكس الرسول المصلح الذي ينشد اقامة الحق و العدل .
نصر الله :
[ 82] [ و يحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ]فالحق ينصره الله ، مرة بكلماته الرسالية التي تفضح الباطل ، و تعطي للمؤمنين بالحق سلاحا ايدلوجيا و برنامجا ثوريا متكاملا ، و مرة بكلماته الغيبية التي اذا قال لشيء " كن " فيكون ، أما الطاغوت فانه مجرم بحق الناس ، و المجرم لا سلطة له على الحياة برغم التظاهر بذلك .
[ 83] وهكذا استمر الصراع حتى تبلور في ايمان طائفة من الناس بالرسالة و تجسيدها لمفاهيمها و برامجها .
[ فما آمن لموسى الا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملائهم ]لماذا خشوا من فرعون ؟ إنهم خافوه على دينهم حتى لا يفتنهم عن الدين بالضبط الشديد .
[ ان يفتنهم ]
ولقد كان فرعون متسلطا على الناس ، مسرفا في استخدام موارد الطبيعة .
[ وان فرعون لعال في الارض وانه لمن المسرفين ]
التوكل سلاح الحسم :
[ 84] ولكن بالرغم من علو فرعون و اسرافه ، و بالرغم من قدرته و ثروته ، فانموسى أمر قومه بالتوكل على الله .
[ وقال موسى يا قوم ان كنتم ءامنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين ]وهكذا امرهم موسى بأن يكونوا مثله في التوكل على الله .
[ 85] [ فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ]انما قالوا هذه الكلمة الحاسمة بعد أمر موسى لهم ، و تذكيرهم بأنها شرط الايمان بالله ، و شرط التسليم لقضائه و قدره ، ولكنهم بالرغم من توكلهم على الله ، كانوا يتطلعون الى النجاة من مأساتهم .
ولم يكونوا يهدفــوا تعذيب انفســهم مثلما تفعله ( السادية ) أو توحي به بعض المذاهب الصوفية ، لذلك تراهم يدعــون الله لكي لا يجعلهم مادة لأختبار الظالمين و ابتلائهم ، مما يدل على ان الله يقدر لبعض المؤمنين الشهادة ولا يمنع عنهم ظلم الظالمين امتحانا لأولئك الظالمين ، بالرغم من انه سبحانه ينصر عباده المؤمنين في عاقبة الأمر ، جاء في حديث مأثور عن الامام الصادق (ع) ان معنى هذه الاية : " لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا " (1)الرؤية في الصراع :
[ 86] لذلك تضرع المؤمنون من قوم موسى الى ربهم لكي ينجيهم قائلين :
[ ونجنا برحمتك من القوم الكافرين ]
وهذه هي رؤية المؤمنين الى الصراع ، فليست عاقبة الصراع مجهولة ، ولا هي في(1) راجع مجمع البيان / ج 3 / ص 224
مصلحة الكفار ، ولكن لا يعني ذلك ان الصراع يكون سهلا وبلا تضحيات ، او بلا عمل واجتهاد ، و الدعاء الى الله هو نوع من العمل .
|