فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
الاطار العام
( أ ) - أسم السورة :
اختار القرآن ام ( النساء ) ليضعه على هذه السورة لأنها تتحدث عن حقوق المرأة في بدايتها ، ثم عن علاقة المرأة بالرجل ، وعن جوانب من حياة المرأة .
و المرأة هي : وجه حضارة البشر ، والتي تعكس مدى التزام الحضارة بالقيم السامية التي تأمر بالمحافظة على حقوق الضعفاء ، ولأن الاسلام يوليها اهتماما كبيرا كان من المفروض ان يعالج موضوعها في سورة من القرآن ، وكانت سورة النساء بحكم موضوعها الاجتماعي أفضلموقع للحديث عنها .
( ب ) - موضوعات السورة :
مــن الايــة الاولى وحتى الاية ( 25) ، ثم من آية ( 33) الى ( 35) ، ثم من ( 127) الى ( 130) ثم في الاية الأخيرة تتحدث السورة عن حقوق المرأة ( و بالمناسبة حقوق الأيتام و السفهاء ) ، و طريقة تقسيم الارث بين الرجل و المرأة ، و المعادلة السيئة ، و الشهادة الباطلة عند وارث المرأة كرها ، و استلاب حقوقهافي المهر ، و حرمة الزواج من نساء معينة بينهن زوجة الأب السابقة .
ثم عن سيطرة الرجل على المرأة في حدود الشريعة ، و عن النساء الفاضلات ، و الصلح بين الزوجين ، ثم عن التزام العدالة و الواقعية في بناء الاسرة ، واخيرا عن بعض موارد الارث .
أما الموضوع الآخير الذي تتحدث عنه السورة في الآيات ( 26 - 32 ) يرتبط بحرمة المال ، و النفس ، و ضرورة المحافظة عليهما ، و الاسباب التي قد تدعو البشر الى الاعتداء عليهما كالجهل و الحسد .
أما الموضوع الثالث ، فتتحدث السورة في الآيات ( 36 - 40 ) عن ضرورة الاحسان الى الضعفاء ، و حرمة البخل ، أو انفاق المال رياء .
بيد ان الموضوع الرئيسي الذي تتحدث عنه معظم آيات سورة النساء يكاد يكون موضوع الحكم الاسلامي بوجوهه المختلفة ، ففي الآيات ( 41 - 42) نجد الحديث عن أن الرسول شاهد على أمته ، بمعنى أنه حاكم عليها ، و حرمة عصيان الرسول ، و حرمة كتمان الشهادة .
وفي الآيات ( 44 - 57 ) نجد حديثا مفصلا عن دور العلم في إقامة الحق ، و مسؤولية رجال العلم في أداء أمانة العلم ، ببيان الحقائق من دون تزييف أو تحريف ، و مدى جريمة الذين يفترون على الله الكذب ، و صفاتهم السيئة التي تكشف زيفهم ، و تفضح نياتهم الفاسدة .
وفي الآيات ( 58 - 70 ) يتحدث القرآن عن القيم التي تعتمد عليها السياسة الاسلامية ، و أبرزها أداء الأمانة ( أداء حقوق الناس ) ، و الحكم بالعدل .
ثم تتحدث الآيات ذاتها عن طاعة الرسول و أولي الأمر ، و حرمة الاحتكام الىالطاغوت ، و نعت الذين يتبعون الطاغوت بأنهم منافقون ومثل عن الطاعة الصعبة التي يتهرب منها المنافقون ، وهي طاعة الرسول في الحرب .
ثــم حديــث عن قيمة الدفاع عن المستضعفين في السياسة الاسلامية .
أما الآيات : ( 77 - 79 ) ثم ( 80 - 87 ) فهي تتحدث :
أولا : عــن ضــرورة الانضباط في القتال ، و التزام الطاعة التامة في كل الأوامر .
ثانيا : عن دور القائد في التحريض على القتال ، و حمل الناس على طاعة الأوامر .
وفي الآيات ( 88 - 91 ) نجد الحديث يتركز حول اتخاذ موقف موحد و حازم من المنافقين ، فيحدد القرآن طبيعة المنافقين وأنواعهم ، ثم يحدد الموقف منهم .
ثم يتحدث خلال الآيات ( 95 - 100) عن المجاهدين و القاعدين و المهاجرين كطبقات متميزة في المجتمع الاسلامي ، و متقابلة مع طبقات المنافقين السالفة الذكر .
و يعود القرآن في الآيات ( 105 - 111 ) الى الحديث عن قيم السياسة الاسلامية وكيف انها دولة القانون البعيدة عن الفساد الاداري ، فينهى الرسول عن الجدل مع الخائنين و المختانين الذين يحاولون تضليل الرسول .
وفي الآيات التالية ( 117 - 126 ) يتناول القرآن جوانب شتى عن النفاق منها أصل النفاق و دور الشيطان فيه بأمانيه الخلابة الكاذبة ، و أساطيره الساذجة .
وبعد أن يبين القرآن في الآيات ( 131 - 134 ) ضرورة التقوى و الالتزام ، و اقامة القسط و الشهادة لله لكي يزكي النفوس عن عوامل النفاق ، بعدئذ يعود مرة أخرى في الآيات ( 136 - 146 ) ليبين أن الايمان حقيقة بسيطة لا تتجزأ ، و ان الذين يفرقون بين فكرة و أخرى في الايمان فهم كفار و منافقون يخادعون أنفسهم ، لأنهم يتخذون الكافرين اولياء ، وهم في الدرك الاسفل من النار .
ثم يبين السبيل الوحيد لاخراج هؤلاء من حالتهم وهو التوبة و الاصلاح ، ثم الشكر و الايمان ، وعدم الجهر بالسوء من القول ، و ابتغاء مرضاة الله بالاعمال الصالحة .
و يكرر القرآن وبتفصيل أكثر هذه المرة بيان بساطة الايمان ، وأنه حقيقة لا تتجزأ ، ويبين في الآيات ( 150 - 160 ) ان الذين لا يؤمنون ، بحجة عدم الاقتناع هم أناس كاذبون ومثلهم بنو إسرائيل حين سألوا موسى أن يريهم الله جهرة ، ثم اتخذوا العجل بعد ان توضحتلهم الآيات ، وانهم نقضوا الميثاق ، و اختاروا الكفر بآيات الله ، و اتهموا مريم بالفحشاء ، و ادعوا أنهم قتلوا عيسى ، و ظلموا أنفسهم و أخذوا الربا .
وفي الايات الأخيرة من السورة يتحدث القرآن عن ضرورة الايمان بالله و بالرسول بشكل كامل ، و الاعتصام بالنور الذي أنزله ، و كمثل لهذا الايمان يذكر القرآن حكما في الارث وينهي به سورة النساء .
هذا الاستعراض الموجز لتفصيل سورة النساء ، يكشف لنا الخيط الذي يربط بين موضوعاته الرئيسية ، وهو المجتمع الاسلامي بما فيه من قيم الحق ، و العدالة و التقوى ، وبما فيه من حقوق المرأة ، و اليتيم ، و السفيه و الفقير ، و الدفاع عن المستضعفين و المحرومين وما له من قيادة حكيمة ، و سياسة واضحة ، و ارادة
حازمة ، معتمدة على قواعد راسخة من ايمان الامة بالرسول وبأولي الامر من بعده .
و بالطبع لا يتحدث القرآن عن المجتمع المسلم بطريقة علميــة فحسب ، بل و تربوية أيضا ، فنكشف من خلال حديثه المبارك كيف نبني هذا المجتمع وما هي الدواعي التي تدفعنا الى اختياره ؟
|