فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الخطوط العامة للمجتمع الاسلامي
بينات من الآيات

المجتمع الاسلامي مبني على قاعدة التوحيد ، و شعار التوحيد اسم الله ، و المجتمع الجاهلي طافح على غرور الطاغوت ، و شعارهم اسم الطاغوت .

و توحيد الله يعطي المجتـــمع الاســلامــي فضــلا من الله ، و رحمة شاملة و دائمة ، و شعار الرحمة الشاملة ( الرحمن ) و شعار الرحمة الدائمة ( الرحيم ) .

وهذا يعني ان المجتمع الاسلامي : مستقر و مستمر ، متكامل و دائم ، فهو خير و رفاه ، و تقدم لجميع الناس في جميع العصور .


الالتزام المبدئي :

[ 1] الخط العام الذي تتفرع عنه سائر الخطوط المميزة للمجتمع الاسلامي انه مجتمع ملتزم بمنهج الله ، و قد عبر القرآن عن هذه الفكرة في آية : ( و الزمهم كلمة التقوى ) فهو مجتمع مبدئي ، و حين نقول مجتمع مبدئي فإننا نتصور شرطين أساسينهما :

أ - أنه لا يؤمن بالفوضى في أي حقل من حقول المجتمع ، بل يؤمن بالتنظيم في كافة الابعاد الخاصة و العامة .

ب ) انه ينطلق في تنظيمه من بصائر سماوية ليست فيها تحديدات قومية أو اقليمية أو عنصرية أو غيرها .. لان السماء هي التي أوحت بهذه البصائر .

من هنا جاءت الكلمة الاولى في هذه السورة نداء الى الناس : ان يتقوا اللهليبنوا على أساسه مجتمعهم الفاضل . .

[ يا أيها الناس اتقوا ربكم ] .

و معروف ان الخطاب للناس الواقعيين الذين يتحركون في أرض الواقع ، و ليس الخطاب الى الانسان أو البشر كصفات تجريدية ، أن هذا الخطاب تعبير عن روح الواقعية في الرؤية الاسلامية ، و بالتالي روح توجيه الحياة مباشرة ، و من دون الالتفاف حولها بمسائل نظرية .


والسؤال هو : لماذا قال الله " ربكم " ؟

الجواب : ان كلمة الرب تدل على معنى التربية فهي أقرب الى التشريع الذي يامــر الله عــباده بإتباعه ، لذلك ترى ان القرآن ، لا يكتفي بكلمة رب ، بل يضيف قائلا :

[ الذي خلقكم ]

ليذكرنا بأن الله الذي رباكم من بعد أن خلقكم ، أجدر أن يتبع الناس تشريعه و يتقونه في حياتهم .


التوحيد منطلق التشريع :

و الميزة الاساسية في تشريع السماء ، انطلاقة من مبدأ التوحيد ، و الذي يعني فيما يعني الارتفاع فوق كل الحواجز المصطنعة بين الناس ، إننا نفهم اليوم و بعد ان أكتشفنا ان أكثر الويلات التي أصابت البشرية ولا تزال تصيبها حتى اليوم آتية من هذه الحواجز .


( العنصريات ، القوميات ، الاقليميات ، الطبقيات و ... و ... و هكذا .. ) نحن نعرف انها هي العقبات الحقيقية في طريق الانسان الى السعادة و التقدم .

و لذلك يركز القرآن على ان الله خلق الناس جميعا من نفس واحدة و يقول :

[ الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء ]النساء كالرجال :

و السؤال : كيف خلق الله زوج الانسان من نفسه ؟ و هل يعني هذا ان الانسان الاول كان ذا طبيعة مزدوجة ، ثم انفصلت طبيعة الذكر عن طبيعة الانثى في سائر الاجيال ؟

أم هل يعني هذا ان الله خلق آدم (ع) ثم انتزع من أضلعه صلصالا و خلق منه حواء ؟

لا أعلم ذلك بالضبط ، و لكن هذا التعبير يوحي بفكرة علمية تهمنا في تلاوة آيات القرآن وهي ان الذكر و الانثى جنس واحد ، و ليست الانثى أقل شأنا من الذكر ، لا في الطبيعة ولا في منهج الله ، و قد تكررت في آيات القرآن هذه الفكرةمثل قوله تعالى :

" خلق لكم من أنفسكم أزواجا "

و قد نسف القرآن هذه الفكرة العنصرية الجنسية ( كما أسميها ) التي تقول : ان للذكر سلطة مطلقة على الانثى بسبب أنه من جنس أعلى ، و الفارق بينه و بينها يشبه تماما الفارق بين الانسان و الحيوان !!

لقد نسف القرآن هذه الفكرة وبين ان كل الحواجز بين الناس مصطنعة ، ولا رصيد لها من الحق أبدا .


الأسرة تنظيم ايجابي :

بين القرآن إن فكرة التساوي بين الناس لا تعني الانفلات و الفوضى ، انما يجب ان يكــون داخل المجتمع تنظيم متقن ، و نقبل بالحواجز بقدر إدائها لعملية التنظيم الايجابي ، فالأسرة مثلا كاطار ينظم علاقة مجموعة بشرية بأخرى ، و يجعلها أكثر تعاونا و تفاعلا ..
مقبولة و ضرورة ، و لكن الاسرة كاطار لضرب الاسر الثانية و اشاعة العصبية و القبلية بين المجتمع مرفوضة أساسا .

و لذلك أكد القرآن على الاسرة و قال :

[ وأتقوا الله الذي تساءلون به و الارحام ]

أي أتقوا الله و اتقوا الارحام .

ان التعاون مع الاسرة يجب ان يبقى ضمن اطار منهج الله ، فلا يصبح وسيلة للفساد و الرشوة ، و غصب الحقوق ، و اشاعة الفحشاء ، لذلك بدأ الحديث بذكرتقوى الله و جعلها ركيزة البناء الاجتماعي ، ثم بين أهمية الارحام ( الاقارب ) و تعبير القرآن بـ ( تساءلون به ) يعني ان الله هو المقياس النهائي و الاخير الذي يمكن ان يجعل ركيزة التعاون الاجتماعي ، فإذا تساءل أحد شيئا من آخر هل فعله أم لا ، كيف يستطيع انيثبت أنه سيقول له الصحيح أم يكذب عليه .

لا طريق له الى ذلك الا ان يحلفه بالله ، و يستثير ضميره و فطرته المؤمنة بالله ، و يجعل من ذاته على ذاته رقيبا .

ان المجتمع الذي يتمتع بالايمان ، هو القادر على ايجاد تعاون حقيقي بين أبنائه على أساس من العدالة و المساواة ، وان لم يكن المجتمع مؤمنا فكل الانظمة الموضوعة تصبح حبرا على ورق يتلاعب بها الناس كما يتلاعب الرياضيون بالكرة .

من هنا لابد ان يبنى المجتمع المسلم على ركيزة الايمان و التقوى .

[ ان الله كان عليكم رقيبا ]


قيم المجتمع الاسلامي :

ان هذه الاية استهلت الحديث عن المجتمع الاسلامي ببيان قيم المجتمع بإيجاز وهي :

أ ) تقوى الله .

ب ) المساواة التامة بين جميع عباد الله الذكر منهم و الانثى .

ج ) اعتماد التنظيم الاسري ( و غيره ) في اطار تقوى الله .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس