فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
الجهاد مظهر الطاعة و نجاة المستضعفين
هدى من الآيات
الجهاد أبرز مظاهر الطاعة ومن يطع الرسول في الجهاد يسهل عليه تطبيق سائر الواجبات الدينية لانها لا تنطوي على صعوبات الجهاد أو أخطاره الجسيمة .
وإذ يتحدث القرآن عن الطاعة للرسول و الكفر بالطاغوت يضرب لنا مثلا من واقع الطاعة المفترضة وهو الجهاد الذي يأتي مباشرة بعد تكون الامة ، و انفصالها عن المجتمع الجاهلي و طاغوته الذي يتبعونه ، اذ لا يلبث ان يتفجر الصراع بين الجاهلية و بين الامة ، وعلى أبناء الأمة الاستعداد لخوض الصراع ، وذلك يكون بالتحذر ، و الانطلاق للجهاد جميعا أو في مجموعات .
و بالتسارع في تنفيذ أمر الجهاد حتى لا يكون المسلم كأولئك المتقاعسين الذين يتثاقلون عن الجهاد حتى تنتهي المعركة ، فإن كانت في صالح الجاهلية زعموا انهم ربحوا حين لم يساهموا في الحرب ، والا تميزوا غيظا و حسرة و كأنهم2 + 119
ليسوا من ابناء الامة ابدا .
صفة المسارعة في القتال تأتي بعد الايمان بان الاخرة أفضل من الدنيا ، وان الله عنده اجر عظيم للمقاتلين خسروا أو ربحوا المعركة .
و هدف القتال هو انقاذ المستضعفين من براثن الطغاة و الظلم ، فإن قتال المسلمين هو من أجل الله بينما قتال الكفار من أجل تثبيت نظام الطاغوت و قهر الشعوب .
بينات من الآيات :
واجب الاعداد :
[ 71] ان يكون ابناء الامة على استعداد للانطلاق في معارك الدفاع عن قيمها الرسالية هو منتهى الجدية في الحياة و الفاعلية و الطاعة للقيادة .
وليس المهم العمل حين تدق طبول الحرب ، بل الاستعداد قبل ذلك في ايام السلم حيث يسترخي الناس ، و يغالبهم نعاس الامن ، ويحسبون ان الحياة لهو و لعب .
آنئذ يستعد المسلمون للمعارك المحتملة فإذا حانت ساعة الحرب خفوا اليها في شكل مجموعات ( ثبات ) أو وحدات صغيرة منسقة و مستعدة للعمليات الحربية أو نفروا اليها جميعا بصورة ( التعبئة العامة ) .
[ يا أيها الذين ءامنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا ]انها تشكل خلفية جيش الرسالة ، الاعداد المسبق و التضحية و التنظيم ( الحذر - النفر - الثبات أو الجميع ) .
المصلحية داء الجهاد ...
[ 72] ولا تكونوا - أيها المؤمنون - مثل أولئك الجبناء الذين يتكاسلون و يتقاعسون عن الحرب وينتظرون نتائجها وهم في بيوتهم ، فإذا دارت ضد المسلمين بدأوا يشمتون و يفرحون بانهم لم يكونوا معهم علما بإن تثاقلهم عن الجهاد قد يكون هو سبب هزيمة المسلمين ولكنهؤلاء لا يحسبون لانفسهم حسابا ودائما يتصورون سائر المسلمين هم المسؤولون بل ويجدون بينهم وبين سائر المسلمين فارقا و كأنهم من غير المسلمين .
والدليل على ذلك : انهم يتميزون حسرة و حسدا اذا انتصر المسلمون و حصلوا على مكاسب مادية في معركتهم .
ان الله يذم هؤلاء لكي لا يصبح الواحد منا هكذا يرى نفسه وكأنه من غير المسلمين فلا يتحمل مسؤولية الجهاد و يقول عنهم :
[ وان منكم لمن ليبطئن فان أصابتكم مصيبة قال قد انعم الله علي اذ لم أكن معهم شهيدا ]أي يشكر ربه لانه لم يوفق لحضور المعركة ( شهيدا ) ، بينما كان هو السبب وراء تقاعسه عن الجهاد والله سيحاسبه على ذلك غدا .
[ 73] [ ولئن اصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ]وكأنه أمة وسائر المسلمين أمة اخرى ، علما بأن مكاسب المسلمين سوف تصيبه كواحد في المجتمع الاسلامي يستفيد من تقدم هذا المجتمع الاقتصادي و رفاهه الحضاري .
كيف نصنع الارادة ؟
[ 74] ان المثل السابق نموذج من الناس يفتقرون الى الارادة الرسالية حتى يقرروا الاقدام و المبادرة في قضايا الامة ولا ينتظرون الآخرين .
انها تأتي نتيجة الايمان الصادق باليوم الآخر و تفضيله على الدنيا و بالتالي بيع الدنيا في مقابل الحصول على الآخرة و بهدف بلوغ أجر الله العظيم هناك .
[ فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالاخرة ]يشري : أي يبيع وحين يقول القرآن فليقاتل يريد ان يبين ان هؤلاء هم المرشحون للقتال الخالص لوجه الله .
[ ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما ] .
أهداف الجهاد :
[ 75] ان الهدف الغيبي للقتال أن يكون القتال من أجل الحصول على الأجر العظيم في الآخرة .
اما الهدف الظاهر للقتال الذي يكون في سبيل الله فهو محاولة انقاذ المحرومين الذين تظلمهم القوى الطاغوتية القاهرة ، ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم .
[ وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ]المستضعفون : هم الذين جعلتهم القوى الظالمة ضعفاء ، و استثمرتهم وحطمت أرادتهم و معنوياتت نفوسهم ، ولكنهم مع ذلك يقاومون الظلم بالنية فيأملون ان ينقذهم الله بأناس يقودونهم و ينتصرون لهم .
[ 76] إن هدف المقاتلين المسلمين تحرير عباد الله من مجتمع الظلم ونظام الطاغوت أما هدف مقاتلي الكفار فهو من أجل استعباد الانسان وجعله يرزح تحت نير الطاغوت ، وبطبيعة الحال الطاغوت ضعيف ، لانه يقاوم ارادة الناس و فطرة الحياة وكلما يضع الطاغوت من خطط متينة فهي ضعيفة لأنها تعاكس طبيعة الحياة البشرية التي خلقها الله حرة .
[ الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا ]ان أول ما يجب ان يتمتع به الناس المستضعفون و المقاتلون من أجلهم هو التحرر من خوف الطاغوت لان أكبر العوامل التي يعتمد عليها الطاغوت في استغلاله للناس هو تخويفهم وتحطيم معنوياتهم والا فما الطاغوت الا بشر مثل سائر البشر فكيف استطاع أن يستعبد آخرين ؟ انما بخشية الناس منه ، و خوفهم الباطل قوته ، تلك القوة التي يحاول الطاغوت تضخيمها في أعين الناس ، فإذا تحررت الشعوب من رهبة الطاغوت ، و اكتشفت انه هو الآخر بشر و ضعيف ، و خططه واهية لاستطاعت أن تطرده وتسحقه .
ان شعوبنا المقهورة اليوم تخشى القوى الكبرى الطاغوتية لأن تلك القوى غسلت أدمغتنا ، فإذا تحررنا من خشيتها انتصرنا عليها ولذلك يذكرنا القرآن هنا ، ان كيد هؤلاء ضعيف ، وعلينا الا نرهبهم .
|