فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
القصر و صلاة الخوف :
[ 101] في حالة السفر و الخوف من العدو ، كما اذا كان المهاجر يتعقبه الكفار ليردوه الى معقتل الكبت و الارهاب ، هنالك لا بأس عليه ان يصلي قصرا ، فيحذف من كل صلاة رباعية ركعتين ، بالرغم من ان الصلاة عبادة موقوته ، وعلى المسلم ان يؤديها كما هي دون نقيصة، فانه بسبب السفر أو الخوف يسقط نصف هذه العبادة .
[ واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ]ويبقى سؤال : هل القصر واجب في هذه الحالة ؟
الجواب :
بلى .. والسبب ان تعريض المسلم ذاته للخطر حرام ، فاذا كانت الصلاة الواجبة فقط ركعتين ، فاضافة ركعتين اخريين في ظروف الخوف حرام .
من هنا اكتفى القرآن بكلمة ( لاجناح ) أي ( لا بأس ) لبيان سقوط الوجوب عن الركعتين الاضافيتين .
أما حرمة إقامتهما فقد سكت عنها لوضوح الامر من خلال معرفة ظروف الخوف التي أسقطت قسما من الصلاة ، فلا يجوز التفريط فيها بحياة المسلم .
[ ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا ]
أي ان يخدعوكم بمكيدة ، و يعودوا بكم الى أرض الطاغوت ، أو يقتلوكم أثناء الصلاة .
[ ان الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ]
فعليكم التحذر منهم حذرا شديدا .
الحرب و صلاة الجماعة :
[ 102 ] أما في حالة الحرب فإن الصلاة تقام جماعة ، حيث ينقسم المسلمون الى طائفتين : طائفة يقيمون الصلاة ، واخرى يواجهون العدو .
اما القائد فهو يصلي بكلتا الطائفتين ، حيث انه يقف امامهم و وراءه الطائفة المصلية يصلون معه ، وفي الركعة الاولى ينتظر الامام وهو جالس بينما يسارعالمأمومون بالقيام و الركوع و السجود ، وحين سجود هذه الطائفة تعود الطائفة الثانية التي لا تزال غير مصلية حتى يصيروا وراء المصلين ، وبمجرد انتهاء صلاتهم و زحفهم نحو العدو ، يكون هؤلاء قد استقروا في مكانهم ، حيث يقف الامام و يتابع صلاته ، وتأتم به هذه الطائفة بحيث تصبح الركعة الثانية للأمام مساوية للركعة الاولى للمأمومين ( وهم هنا الطائفة الثانية ) فإذا جلس الامام للتشهد قام هؤلاء واضافوا ركعة ثانية وانهوا صلاتهم .
فيكون المحصل ان الامام صلى ركعتين كل ركعة بطائفة ، وتكون كل طائفة قد صلت ركعة مع الامام وركعة منفردة .
[ واذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا معك ]وعلى المحاربين أن يكونوا في حالة الصلاة مسلحين ، ولا تشغلهم الصلاة عن الحرب بما فيها من الاهتمام بالسلاح و العتاد و الحذر .
اذ ان العدو ينتظر هذه الفرصة لينقض على المسلمين و يبيدهم ، وفي حالة واحدة فقط يسمح بوضع السلاح وهي حالة الضرورة ، مثل ان يكون المطر مانعا من الاهتمام بالصلاة و السلاح معا ، أو يكون الشخص مريضا لا يستطيع ان يقوم و يقعد و يسجد وهو مثقل بالحديد .
[ وليأخــذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكــم ]أمتعة الحرب هي العتاد أو الزاد وكلها ضرورية للنصر .
[ فليميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناج عليكم ان كان بكم اذى من مطر أوكنتم مرضى ان تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم ان الله اعد للكافرين عذابا مهينا ]وبالطبع يكون الحر الشديد ، أو الرياح العاتية وما أشبه من الظروف التي يصبح حمل الاسلحة فيها حرجا يكون بمثابة المطر .
ذكر الله بصيرة المؤمن :
[ 103 ] فإّذا انتهت الصلاة ، وعاد المقاتلون الى الحرب ، فعليهم ان لا ينسوا ذكر الله في مختلف الحالات .
[ فإذا قضيتم الصلاة فأذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ]أي وانتم مستلقون .
وربما جاء الامر بذكر الله بعد صلاة الخوف لتكميل النقص فيها ، حيث يستحب ان يذكر المصلي قصرا ربه خلال فترة من الزمن ، تساوي فترة صلاة الركعتين اللتين سقطتا عنه ، ولكن لا يجب ان يكون ذلك في هيئة الصلاة ، بل اثناء قيامه بالاعمال العادية .
وبعد انتهاء الخوف وعودة الحياة الطبيعية ، تعود الصلاة كما كانت أربع ركعات .
[ فإذا أطمأننتم فأقيموا الصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ]أي أمرا ثابتا ، ومقدرا في أوقات محددة ، والشيء لا يكون ثابتا الا لأهميته ، كما لا يكون محددا تحديدا دقيقا إلا لأهميته أيضا .
[ 104 ] اذا كان اداء الصلاة في الحرب يختلف عنه في السلم ، اذا يجب انيكون قصرا ، و يتسلح المصلي خلالها و يتحذر ، فإن ذلك يهدينا الى مدى أهمية التسلح و التحذر في الحروب ، و بالتالي الاستعداد لمواجهة كافة الاحتمالات ، وهذا شرط ضروري لنصر الله .
ومن الاستعداد التهيوء النفسي للقتال ، و الشجاعة في الاقدام من دون خوف أو تردد ، وهذا ما تبينه هذه الاية :
[ ولا تهنوا في ابتغاء القوم ]
لا تضعفوا في متابعة الاعداء ، ومهاجمة معاقلهم ، والتفتيش عنهم ، وبتعبير آخر : كونوا دائما المبادرين بالهجوم على العدو ، ولا تخافوا من عواقب الهجوم ، ذلك لان العدو بشر مثلكم ، وهو يألم و ينهار بالصعوبات ، كما تألمون أنتم ولكنكم لا تنهارون ، لانكم ترجون الله سبحانه .
[ إن تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون و ترجون من الله مالا يرجون وكان الله عليما حكيما ]فهو بعلمه المحيط بكم يعلم مقدار تضحياتكم ، و بحكمته يعطيكم النصر على قدرها ، بعد الصبر عليها ، وليس عبثا وبلا سبب .
|