فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
حقوق المرأة :
[ 127] بسبب النظرة الجاهلية المقيتة الى النساء ، و اعتبارهن العنصر الأقل كفاءة و حقوقا من الرجل ، فإن الجاهليين كانوا يسألون الرسول كثيرا عن تجاوز حقوق النساء ، هل فيه اثم ؟ خصوصا اذا كانت المرأة زوجة في بيت الرجل لأنها في هذه الحالة تعتبر في ظن الجاهليين ملحقة بالرجل ، وليس لها أي استقلال عنه .
فاجاب القرآن هنا عن سؤال الجاهليين حول النساء ، وبين أن علينا أداء حقوقهن كاملة كما جاء في الشريعة الاسلامية . متمثلة في الكتاب خصوصا اذا كان المرأة يتيمة فعلينا أداء حقها كاملا اذا أردنا الزواج منها .
[ و يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن و ترغبون أن تنكحوهن ]وكذلك حقوق المستضعفين من صغار العمر و اليتامى . كل تلك الحقوق يجب ان تراعى رعاية تامة .
[ والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط ]وعلى المؤمن أن يزيد على أداء الحقوق بالاحسان الى هذه الطبقات و يعلم أن كل عمل يعمله خير مكتوب عند الله .
[ وما تفعلوا من خير فان الله كان به عليما ]
الصلح في العلاقات الأسرية :
[ 128 ] كما يجب على الرجل أن يوفي حقوق المرأة فعليها ان تتسامح بــدورها عن بعض حقوقها خصوصا اذا رأت في زوجها ميلا الى عدم أداء حقوقها ، أو حتى الاعراض التام عنها .
[ وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ]فالاسلام وضع حدودا ثابتة في العلاقات الاجتماعية ، وكلف الناس بتطبيقها كلما اختلفوا فيها ، ولكنه وضع قانون التراضي و الصلح لاضفاء المرونة الواقعية على تلك الحقوق ، فمثلا : المهر حق من حقوق المرأة وعلى الرجل الا يتزوج بلا مهر ، ولكن هناك نساء أغنياءيتزوجن لسبب أو آخر من رجال فقراء . أفلا يمكن أن يتنازلن عن صدقاتهن للأزواج ؟
بلى . لأن ذلك يتفق مع واقعية التشريع وكذلك بالنسبة لسائر حقوقالزوجة ، فقد لا تكون من مصلحتها المطالبة بها تماما ، ولعدة أسباب محتملة .
1 / فقد تكوم الزوجة لا تستحق تلك الحقوق ، حسب ملابسات حياتها ، فتكون مثلا امرأة كبيرة في السن دميمة في المنظر ، وضيعة في الشرف ، عاقرة جاهلة ، وقد تزوجت ببعل يعاكسها في كل الصفات ، فالأفضل لها أن تتجاوز عن بعض حقوقها للمحافظة على ود زوجها .
2 / وقد تكون ظروف الزوج صعبة ، واذا ضغطت عليه الزوجة للحصول على كل حقوقها آنئذ يضطر الى الطلاق فخير لها أن تسكت عن بعض التجاوزات بانتظار ظروف أفضل .
3 / وقد يكون الزوج رجلا منحرفا . يخون زوجته في حقوقها ، ولكن البقاء معه بانتظار صلاحه المرتقب أفضل من التمرد عليه وانهاء العلاقة الزوجية مما قد يسبب الضرر لهما معا .
إذا هناك ظروف استثنائية يجب على المرأة أن تتنازل بطوع ارادتها عن بعض حقوقها ، وتصطلح مع الزوج و تشريع الصلح هنا وفي سائر العلاقات يعطي مرونة واقعية للتشريع الاسلامي . حيث يضع للملابسات الخارجية دورا في الأحكام الشرعية .
[ وأحضرت الأنفس الشح ]
أي أرتكزت صفة الشح و البخل و الفردية في النفوس ، ولذلك يحاول كل جانب أن يجر النار الى قرصه ، وعلينا أن نعتبر أن إقامة العلاقة الاجتماعية خير من فضها فنحاول مقاومة صفة الشح ، ونتسلح بالتسامح و الصلح .
[ وان تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ]أي حين أداء حقوق الآخرين تزيدون عليها الى درجة الاخلاص ، وحين أخذ الحقوق منهم تتقون الله فلا تأخذون إلا ما علمتم أنه من حقكم .
تعدد الزوجات :
[ 129] على الرجل ألا يحرص في الزواج بأكثر من امرأة واحدة لأن الواجب الشرعي عليه يقضي آنئذ أن يعدل بينهما ، وبما أن ميل الشخص سيكون بالطبع الى الحسنى منهما ، فلذلك من الصعب أن يقيم العدل في التعامل معهما ، وسيؤدي ذلك بطبيعة الحال الى ترك واحدة منهماو اهمالها . حتى تصبح كالمعلقة فلا هي زوجة تتمتع بحقوق الزوجة ولا هي مطلقة فتكيف حياتها حسبارادتها .
[ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل ]الى الـزواج بل اجعلوا الزواج من الثانية حسب المصلحة أو الضرورة فقط .
فمثلا : إذا وجدتم أرملة تحتاج الى كنف الزوجية ، وليس لها من يتكفل بها فتــزوجـوا منها ، أو إذا كان عدد النساء أكبر بكثير من الرجال لسبب أو لآخر ، مما يشكل مشكلة اجتماعية - لولا تعدد الزوجات - واذا كانت الزوجة الاولى عقيمــة أو مريضة أو مسنة بحيث لاتستطيع الوفاء بحقوق الزوجية وهكذا .
أما في الحالات العادية التي يكون الزواج بالثانية شهوة جنسية بحتة أو تفننا في المتعة المجردة ، فإن العاقبة المنتظرة هي اهمال احداهما مما يشكل خوفا لحقوقها .
[ فتذروها كالمعلقة وان تصلحوا و تتقوا فان الله كان غفورا رحيما ]أي أن الزواج بالثانية ليس حراما حتى ولو كان لمجرد المتعة أوالشهوة الجنسية ، ولكن بشرط الاصلاح الدائم للعلاقة بين الاثنتين معا ، وبشرط التقوىو التحذر من سحق حقوق واحدة منهما تحت ضغط العاطفة .
فمن كانت ارادته قوية و قادرة على ضبط عواطفه ، وكان تقواه يحجزه عن الحاق الأخرى بواحدة منهما فلا بأس عليه حتى ولو صدرت منه هفوات من غير تعمد و اصرار . فان الله غفور رحيم .
وان يتفرقا :
[ 130] إذا أهمل الزوج عقيلته فعليها أن تطالب بالطلاق ولا تخشى من الفقر . إذ أنه هو بالتالي علاج . بيد انه ياتي في آخر القائمة . كذلك الطلاق علاج ناجح لظرف صعب لا ينفعه علاج آخر . ذلك ان البقاء على وضع شاذ ، و محاولة الصبر عليه تضييع للطاقات و افسادللضمير ، و هدر للحقوق .
[ وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ]صحيح ان الله لا يرزق احدا من دون بذل سعي جدي لطلب الرزق لأنه سبحانه حكيم ، ولكن ابواب الرزق ليست محصورة في الزواج حتى اذا طلق المرء زوجته خافت من الفقر . كلا فان الله قادر على أن يفتح عليها أبوابا جديــدة للــرزق لأنه واسع .. وعلينا أن لا نحدد أنفسنا ضمن مجالات ضيقة للرزق ، بل ننطلق في رحاب الحياة و نفتش أبدا عن آفاق جديدة في هذه الارض الواسعة . ذات الامكانات غير المحدودة .
|