فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
مشكلة الخوف عند الانسان :
[ 131 ] من الدوافع الاساسية لارتكاب الذنب هو الخوف ، فلولا خوف الشعوب المستضعفة من الطغاة اذا ما سكتوا على الظلم ، ولولا خوف الفرد من مجتمعه المنحرف اذا ما استمر في ضلالات ذلك المجتمع ، ولولا الخوف من الفقر لما بخل الأغنياء ، ولولا الخوف من الموت لما تخلف الجبناء عن الحرب .
وبالرغم من تجذر مشكلة الخوف عند البشر فان لها حلا يقتلع جذورها اقتلاعا هو : الايمان بالله ، وانه يملك ما في السموات و الارض ، ويأمر بالعدل و الاحســان ، ويدعم من يعمل بهما ، و يخلصه من عوامل الخوف بقدرته الكبيرة .
فما دام الله يملك كل ما نخاف منه فلماذا لا نخاف من الله . بل ولماذا نخاف شيئا مادام الله ، وهو رب كل شيء لم يغضب علينا .
ان هذه المعادلة الواضحة تجعلنا نقاوم الضغوط التي تدفعنا الى الذنب .
[ ولله ما في السموات وما في الارض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و اياكم أن اتقواالله ]هذه وصية وليست أمرا فقط لأن الأمر قد يكون في ضرر المأمور ، بيد انالوصية هي دائما في مصلحة من يسمعها ، ثم هي وصية مشتركة بين كل أجيال الرسالة لأنها من القيم العامة التي لا تتغير بالزمان .
ان التقوى في مصلحة الانسان وليس في مصلحة الله فهو لا يتأثر شيئا بتقواكم أو بكفركم .
[ وان تكفروا فان لله ما في السموات وما في الارض وكان الله غنيا حميدا ]فهو غني بامتلاكه لما في السموات و الأرض ، و حميد لأنه لا يستخدم قدرته في الحاق الضرر بالخلق سبحانه . بل في اللطف بهم و التفضل عليهم .
الاستعانة بالله من الخوف :
[ 132 ] من استعان بالله و قاوم ضغوط الحياة ، ولم يستجب لها جس الخوف الذي يدفعه الى الذنب فانه سيجد وراءه ركنا شديدا يعتمد عليه .
[ و لله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا ]و مدافعا لمن استعان به ، ولم يخش عباده اعتمادا عليه .
[ 133 ] أما من خشي الناس ، وخاف من الطبيعة ، وأسخط الله لارضاء المجتمع أو لتجاوز أخطار الطبيعة ، فعليه أن يتحمل مسؤولية عمله إذ أن الله قادر على تصفيته من الوجود رأسا ، ويأتي بآخرين يعيشون في الأرض مكانه .
[ ان يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ][ 134 ] ومن الناس من يدفعه الطمع الى اقتراف المعصية ، فيأكل أموال الناس طمعا ، و يتعاطى بيع الخمور ، و إشاعة الفاحشة طمعا .. فعلى هؤلاء اأن يعرفوا أنهم لو أتبعوا منهاج الله ، و ابتعدوا عن معاصيه ، فسوف يغنيهم الله ،ويعطيهم لا في الدنيا فقط بل وفي الآخرة أيضا .
[ من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا ]يسمع ويبصر أقوال و أعمال الناس الحسنة فلا يتركها من دون ثواب عاجل في الدنيا ، و ثواب آجل في الآخرة .
خلاصة القول : ان كانت المعصية بدافع الخوف فلنعلم ان الله قادر على أن يدفع عنا ما نخشاه ، وهو أولى بالخوف من أي شيء آخر ، وان كانت المعصية بهدف الحصول على غنيمة ، فان عند الله غنائم أفضل .
المسؤولية الاجتماعية :
[ 135 ] لكي نحافظ على نظافة المجتمع لابد أن يتوفر عاملان :
الاول : ضمير رادع عن المعصية عند كل شخص ( التقوى ) .
الثاني : أحساس الجميع بمسؤوليتهم عن المعصية ، و محاسبتهم العامل بها أنى كان ، وقد تحدثت الآيات السابقة عن العامل الأول .
وها هي الآية تتحدث عن العامل الثاني الذي يبرز دوره في الحقوق الاجتماعية ، فلو كان ضمير المجتمع حيا ، ويحس بمسؤوليته ، فانه يقتل الظلم وهو في المهد . إذ ما إن يظلم أحد من الناس حتى يردعه أقرب الناس إليه . من قراباته أو أصدقائه أو زملائه ، و بالتاليمن أولئك الذين يرجو أن يدعموا موقفه الظالم . بل قبل أن يهم الظالم باغتصاب حق فانه عادة ما يستثير القريبين منه ، ويحاول تهيئة الأجواء لجريمته ، فإذا كان المجتمع واعيا فإنهم يمنعونه عن تنفيذ مخططه فيقتلون الظلم وهو نطفة قبل أن يولد .
وهناك متدرجتان مترجتان لقيام المجتمع بمسؤوليته تجاه الظلم :
الاولى : منع الظلم ، و إقامة العدل .
الثانية : فــي حالــة وقوع الظلم التعاون على ازالته ، وذلك بالشهادة ضده ، ولمصلحة صاحب الحق ، وليس للانسان أن يسكت عن اعلان موقفه من الظلم وذلك بالشهاد لصاحب الحق ، أنى كانت الظروف ، فلان صاحب الحق ضعيف أو غريــب أو فاجــر ، أو لأن الظالم له قوةأو من أقربائي أو أصدقائي او .. أو . لا أستطيع لأي من هذه المبررات أن أسكت عن الشهادة . بل علي واجب أن أشهد لصاحب الحق .
[ يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط ]
اي اعملوا على تطبيق العدالة . لأن صرح العدل في المجتمع بحاجة الى جهد ضخم ليتم بناؤه .
[ شهداء لله ]
اي أقيموا الشهادة بهدف مرضاة الله لا خوفا أو طمعا من أحد حتى ولو كانت الشهادة ضد مصالحكم .
[ ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ]أي لا عليكم اذا كان من تشهدون له غنيا أو فقيرا ، بل هذا أمر يخص الله . أما أنتم فاشهدوا لله .
[ فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ]
فلا يضلنكم حب المصلحة ، أو حب الأقارب من اقامة العدل بالشهادة أوبالتنفيذ .
[ وان تلووا أو تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا ]أي ان تنحرفوا قليلا أو كثيرا فان الله خبير بكم .
|