فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الايات
الغلو :

[ 171] الغلو في الدين بمثابة الانكار للدين . ذلك لان اضرار الغلو لا تقل عن اضرار الجحود او الانتقاص من الدين ، وقد يكون الغلو في الدين سببا لكفر كثير من الناس الآخرين الذين ترفض فطرتهم النقية شوائب الغلو ، فينكرون ما ارتبط بها من حقائق الدين أيضا .


وقد كان غلو النصارى في عيسى سببا لهروب المثقفين منهم وانكارهم الرسالة رأسا لانهم وجدوا بفطرتهم الصافية ان الايمان بألوهية بشر مثلهم سخافة ، فآثروا الكفر بالدين رأسا ، ولم يجهدوا أنفسهم بالفصل بين الخرافة و الحقيقة في الدين .

لذلك تجد القرآن الحكيم يعامل المغالين في الدين بذات العنف و القسوة التي يعامل بها الكفار والجاحدين .

[ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى بنمريم رسول الله ]

وليس إلها في مستوى الله سبحانه ، وليست ولادته الخارقة الا دليلا على قدرة الله و عظمته ، وليس فيها أي دلالة على ألوهية عيسى .

[ و كلمته القاها الى مريم وروح منه ]

وكلمة الله يعني مشيئته التي تتجسد في كلمة " كن " التي تتحقق بها الاشياء ، كذلك خلق الله السموات و الارض . و كذلك خلق الله عيسى . قال الله : كن ، فكان في رحم أمه مريم ، ولذلك عبر الله عن ذلك بـ ( ألقاها الى مريم ) أي تلك الكلمة التي أنزلهاالله على مريم ، فكون بها عيسى عليه السلام .

ذلك لان جبرئيل هو الذي نفخ في جيب مريم متمثلا في رجل سوي ، وبذلك النفخ خلق الله عيسى .

اما الروح فانها حسبما - يبدو لي - روح القدس الذي أيد الله به عيسى ، فعلم الغيب وأحيا الموتى وعمل المعجزات .

و بذلك لم تكن معجزات عيسى دليلا على انه اله من دون الله ، بل انه مزود بروح من الله .


[ فامنوا بالله ورسله ]

سواء كان خلقهم بغير أب أم لا .. وسواء أحيوا الموتى أم لا .. اذ أن المهم ان يكون الشخص رسولا من قبل الله ، وليس المهم سائر الميزات المتوافرة عند هذا أو ذاك .

[ .. ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه ان يكون له ولدله ما في السموات والارض وكفى بالله وكيلا ]

وهل من المعقول : ان يتخذ رب السموات و الارض واحدا من البشر بمثابة أبن له .. وما قيمة معجزات عيسى بالنسبة الى قدرة الله الهائلة المتمثلة في ملكوت السموات و الارض .

وهل يتناسب ان يكون عيسى البشر المحدود الضعيف ابنا لذلك الرب العظيم .. القادر .

وبدلا من ان يتخذ الواحد منا عيسى الها ، أفلا يكون من الأفضل أن يتخذ الله إلهه ؟!. أفليس الله يغنيه عن عيسى و غير عيسى من البشر ، افلا يكفيه وليا و نصيرا و قائدا ؟!


العبادة لله هي الامتياز :

[ 172] أبسط دليل على ان عيسى لم يكن سوى بشر عبادته لله و طاعته لمناهجـــه ، تلك العبادة و الطاعة التي اتقنها و أكملها المسيح ، كما أتقنها سائر الرسل . مما دل على أنهم - كما نحن - عباد الله علينا جميعا ان نطيعه .

[ لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله ]

اي لا يرى ذلك غير مناسب لشخصيته ، أو غير لا ئق لعظمته كرسول .

[ ولا الملائكة المقربون ]

أولئك الذين تصور بعضهم انهم يشاركون الله في الالوهية سبحانه ، هم بدورهم لا يرون العبادة غير لائقة بهم .. كلا بل هي من صميم وجودهم الناقصالضعيف .

[ ومن يستنكف عن عبادته و يستكبر ]

أي من يرى نفسه أعلى من العبادة تكبرا و كذبا ، فلابد أن يعرف انه ليس سوى بشر ضعيف ، وآية ضعفة انه سوف يحشر الى الله بكل خضوع .

[ فسيحشرهم اليه جميعا ]

[ 173] وهناك ينقسم الناس فريقين :

[ فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا ]و دفعهم الستنكارهم الى الكفر .

[ و استكبروا ]

ودفعهم استكبارهم الى ترك الاعمال الصالحة .

[ فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ]فلا ينفعهم اولئك الذين اتخذوهم انصاف آلهة ليخلصوهم من عذاب الله ..


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس