فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الايات
كل شيء طيب الا :
[ 4 ] الجهل يدعو صاحبه الى التطرف يمنة أو يسره ، كما إذا ضل شخص في الصحراء و جهل الطريق فانه ينحرف عنه ذات اليمين و ذات الشمال .
و ليس بامكانه من دون العلم ان يلتزم بالطريق المستقيم ، و لقد كانت الجاهلية تعيش بين خطي الفوضى المطلقة ، حيث لا شيء حرام عندهم ، كما كانت الحال عند عرب الجزيرة غالبا حيث خط ( الجمود المطلق ) فهم يحرمون على أنفسهم طيبات الدنيا ( كما كانت الحال عند بعض المسيحيين و المترهبين من العرب ) وجاء الاسلام بالقول الفصل ، فحرم ما يضر البشر صحيا أو خلقيا أو اجتماعيا ، و حلل الطيبات و جعل القاعدة الاساسية أن كل شيء طيب حلال حتى تعلم حرمته بالذات .
وسائل الكسب :
و الطيب هو كل ما يستطيبه العقل السليم .
[ يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ]
وسألوا عن بعض الوسائل التي يحصلون بها على الطيبات ، فأجاب القرآن عن وسيلتين احداهما : نموذج لوسائل الحيازة و الاستفادة من الطبيعة ، و لكنه نموذج يثير الشك و يدعو الى التساؤل إذ أنه غريب على الطبيعة وهو صيد الكلب .
فهل يمكن استخدام الحيوانات في حيازة المباحاة ، و الكلب بالذات حيوان نجس و مكروه في الدين فهل تحل ذبيحته ؟
وحين أجاب القرآن عن هذا التساؤل بالايجاب تبين أن الطرق الاخرى التي قد تستخدم في حيازة المباحات طرق مشروعة ( كاستخدام اليد أو الالآت الحادة كالسكين أو الحيوانات المحببة الاليفة وما اشبه )و الثانية : وسيلة من وسائل التعاون في الحياة ، و تبادل المنافع و التجارات وهي ايضا وسيلة قد يثار حولها بعض التساؤلات :
هل يجوز التعامل التجاري مع أهل الكتاب أم لا ؟
فلما أجاب القرآن بالاباحة تبين بالطبع حرية التجارة مع كافة المسلمين . هكذا خصصت هذه الايات عن ضرورة التخلص من الرهبنة و اتخاذ كل شيء حراما ، بل بالعكس كل شيء حلال ، حتى يتلى فيه نص صريح .
[ وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله ]فهذا ارشاد بان تعليم الجوارح ليس فقط مباحا ، بل و مستحبا ايضا ، لأنه يساعد على رفاه الانسان .
[ فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا أسم الله عليه ]
بأن يذكر الصياد اسم الله حين يبعث كلبه .
[ و اتقوا الله إن الله سريع الحساب ]
[ 5] وإذا كانت الطيبات أو بعضها محرمة على بعض أهل الكتاب بسبب سوء أفعالهم ، و ظلمهم لانفسهم فانها قد أحلت لكم حيث انتهى السبب الداعي الى التحريم .
[ اليوم أحل لكم الطيبات ]
و الوسيلة التجارية التي تحصلون بها على الطيبات محللة لكم هي الاخرى حتى ولو كانت التجارة مع غير ملتكم مثل ( أهل الكتاب ) .
[ و طعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم ]وبالرغم من ان الطعام يعم الحبوب و الفواكه و يشمل الذبيحة و المطبوخات الجاهزة للأكل ، بالرغم من ذلك فان سياق الاية يدل على التبادل التجاري و التبادل التجاري لا يكون عادة الا في المأكولات غير الجاهزة مثل الحبوب و البهائم غير المذبوحة ، اما المأكولاتالجاهزة فهي قليلة التداول خصوصا في ذلك الوقت .
و المحصنات من أهل الكتاب :
[ و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ]أي يجوز لكم التمتع بهن في عقد دائم أو عقد مؤقت و الجنس ليس خسة أو خبثا ، أو حالة بهيمية عند البشر ، كلا ان الجنس لذة طيبة هيأها الله للانسان .
ولكن يجب ان يكون التمتع بالجنس في حدود الشرع المقدس .
فأولا : يجب ان تكون المرأة محصنة ( أي عفيفة ، أحصنت فرجها ، و صانت كرامتها ) ومن جانب ثان : أحصنها زوجها أي جعلها في حصن اللذة المشروعة حتى لا تفتش عن لذة حرام .
ثانيا : أن يلتزم الزوج باداء حقوقها ، و بالذات مهرها الذي هو أجر حصانتها و اخلاصها للزوج ، و تمكينها للزوج انى دعته اليها حاجة جنسية .
ثالثا : الا يهدف الزوج من وراء العلاقة مع المراة السفاح ، و ضياع ماء الحياء ، و التلذذ بالمقاربة الجنسية لفترة محدودة ، بل يكون هدفه بناء حصن الزوجية الرصينة حيث يحافظ كل واحد على حقوق الثاني و حرماته .
رابعا : الا يكون الهدف من وراء العلاقة الصداقة المائعة ، حيث يوفر كل واحد لصديقه الجنس مقابل توفير الثاني له ذلك من دون التزامات قانونية محدودة - كلا - يجب ان يكون تراضي الطرفين على اساس الاحكام الشرعية و بالتعهــد على الالتزام بها .
انك قادر على تبادل الهدايا مع اصدقائك أو أقاربك لأن ذلك التبادل لا يؤدي الى الخلاف و النزاع ، ولا يضعضع علاقاتك الاجتماعية الأخرى ، ولكن لا يجوز لك أن تبادل امراة أجنبية الحب و الجنس كهدية متقابلة لان الجنس قضية هامة في حياة البشر ، و ركن أساسي منأركان التعاون الاجتماعي فلو سمح لنا القانون بان يكون الجنس حسب أهواء الطرفين ، ومن دون الضوابط القانونية لكانت نهايته تفكيك عروة من العرى الاجتماعية و لتزلزلت أرسخ قاعدة من قواعد التماسك الاجتماعي ، من هنا فرض الاسلام أحكاما في العلاقة الجنسية ، وأمر
بان يكون ترابط الطرفين بينهما على اساس هذه الاحكام ، وليس لمجرد الصداقة واتخاذ العلاقة كهدايا متبادلة .
[ اذا اتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ]واعتبر القرآن الخروج عن هذه الانظمة بمثابة الخروج عن الدين ، اذ أن الفكر ليس قولا انما هو عمل و سلوك .
الايمان قول و عمل :
[ ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله ]
أي من يكفر بعد ان كان مؤمنا ، أو مع التظاهر بالايمان فان أعماله الصالحة غير مقبولة عند الله بل تحبط و تقذف في وجهه ، ولا تنفعه شيئا .
[ وهو في الاخرة من الخاسرين ]
فلا يظن أحد ان بإمكانه الجمع بين العقيدة الصحيحة و العمل الفاسد ، إذ أنه سوف يؤخذ بعمله ولا يؤبه بعقيدته التي يدعي أنه يلتزم بها فكريا .
|