فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الايات
الرسالة :
[ 7] أكبر نعم الله على الانسان نعمة الرسالة ، إذ أنها الاداة التي تمكن البشر من الانتفاع بسائر نعم الله عليه ، فمن دون مناهج الدين لا ينتفع البشر من نعمة الصحة ، بل يفسدها بارتكاب الموبقات ولا ينتفع بنعمة العقل ، بل يدسه في تراب الشهوات ، ولا ينتفعبنعمة الحرية بل يكبلها بأغلال الشك ، و عبودية الجبت و الطاغوت .
من هنا يذكرنا الله بالنعمة الكبرى ( نعمة الرسالة ) التي وفرت لنا فرص الإنتفاع بنعم الحياة ، يذكرنا بها مرة بعد مرة فيقول :
[ واذكروا نعمة الله عليكم ]
بيد ان هذه النعمة بحاجة الى ما يكرسها و هو الميثاق الذي تعهدنا مع الله في العمل به ، فمن دون الإلتزام بالميثاق لا نقدر على الاستفادة من نعمة الرسالة .
[ و ميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا و أطعنا ]لابد ان نتذكر يوم الميثاق حتى لا نتصور أن نعمة الرسالة وما وراءها من نعم الحياة سوف تبقى لنا أزلية ، كلا .. انما تبقى لنا ما دمنا ملتزمين - نحن بدورنا - بالميثاق و ذلك هو التقوى .
[ و اتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور ]
فأية نية لنقض الميثاق ترصد من قبل الله ، و يؤآخذ صاحبها عليه أخــذا شديدا .
بنود الميثاق :
[ 8] لهذا الميثاق بنود ثلاث :
الاول : العمل النشيط من أجل الله ، فعلينا ألا نتوانى عن تنفييذ واجباتنــا الدينية ، أو مسؤولياتنا الاجتماعية .
ان الله لا يحب الامة الكسولة المتخلفة التي لا تنشط في الحياة ، كما لا يحب الامة التي تنشط لا من أجل الله بل من أجل مصالحها العدوانية . إن الله يريد منا ان نكون مجتمعا دائم الحركة و الفعالية و لكن باتجاه الأهداف السامية ، وهذا معنى أن نكون كما قال الله :
[ يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله ]
أي أن نبالغ في القيام من أجل تحقيق أهداف الرسالة المتجسدة في عمارة الارض و إشاعة الخير في أرجائها .
الثاني : ان تكون الامة واعية لذاتها ، و لما يجري حولها ، وتمتلك موقفا سليما ، و تعلن عن هذا الموقف بإصرار .
فالأمة التي يلفها الجهل و الغيبة عن الحياة ، و الأمة التي لا تملك المقياس الصحيح لتقييم أحداث الحياة ، و الأمة التي لا تعلن عن مواقفها السليمة . انها ليست الامة التي يريدها الله و التي يقول عنها :
[ شهداء بالقسط ]
ذلك لان الشهادة لا تكون إلا بعد العلم بالحقيقة و بعد الاستعداد لإعلان الموقف منها .
الثالث يجب ان تكون الأمة عادلة حتى مع اعدائها ، ولا تنمو فيها الحساسيات العدائية ضد هذا أو ذاك ، ولا تنجر وراء هذه الحساسيات في سلب حرية الأمم الاخرى و نهب خيراتها .
[ ولا يجرمنكم شنآن قوم معل ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى ]العدل هو أقرب و سيلة لتحقيق مرضاة الله ، و اتقاء عذابه ، أما الظلم فهو أقرب طريق الى النار .
[ و اتقوا الله ان الله خبير بما تعملون ]
مكتسبات تنفيذ الميثاق :
[ 9] و بسبب تنفيذ بنود الميثاق تجازى الامة بجائزتين .
الاولى : اصلاح ماضيها السيء ، و تصفية رواسب هذا الماضي .
الثانية : ضمان مستقبلها الحافل بالخيرات في الحياة الدنيا وفي الاخرة .
[ وعد الله الذين ءامنوا و عملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم ]و الله لا يخلف وعده وقد جاءت كلمة ( لهم ) تأكيدا على أن الله قرر هذا الجزاء لهؤلاء قرارا نهائيا لا رجعة فيه .
[ 10] اما من خالف هذه الصفة فبدلا من الايمان الكفر ، و بدلا من تطبيق مناهج الاسلام بالعمل الصالح التكذيب بهذه المناهج المنزلة في آيات القرآن و بذلك فانه من المقيمين في الجحيم .
[ والذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ][ 11] ان نعمة الايمان تستقطب سائر النعم وفي طليعتها نعمة العزة و المنعة ، ولقد كانت العرب في الجاهلية أذلاء يطمع فيهم كل دنيء ورديء فجاء الايمان و نفخ فيهم روح الشجاعة و الوحدة ، فانتصروا على أعدائهم .
اننا يجب ان نتذكر دائما كيف كنا قبل الايمان أذلاء و كيف أصبحنا أعزة ، ذلك لان هذا التذكر يجعلنا نعرف أكثر فأكثر قيمة الايمان ، و نندفع الى العمل بواجباته و فروضه ، ومن أبرزها العمل ببنود الميثاق الآنف الذكر .
[ يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا اليكمايديكم فكف ايديهم عنكم ]
لان الله قذف في قلوبهم الرعب فتولوا هاربين .
سبيل الانتصار :
[ و اتقوا الله ]
بتطبيق مناهجه ، و تنفيذ الميثاق الذي بينكم و بينه .
[ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ]
فلا يخشون القوى الاجتماعية المناهضة ان تنحرف بهم عن العمل بمسؤولياتهم كأمة رسالية ، بل يستمروا على طريق الحق برغم ضغوط الاعداء .
ان العامل الاساسي الذي سوف يحسم الصراع القائم بين الجاهلية و الاسلام هو الخوف ، فاذا استرهب الجاهليون جانب المسلمين انهزموا ، وهذا ما كان يحدث دائما ، اما اذا تمكن الخوف من قلوب المؤمنين فإن العدو سيهزمهم ، و تقوى الله ( بتنفيذ برامجه ) و التوكل عليه ( بالشجاعة و الاقدام ) هما اللذات يطردان الخوف من الامة و يقذفان به في قلوب العدو .
|