فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الايات
دوافع الشرك بالله لدى النصارى :
[ 72] لماذا انحرف النصارى عن المسيحية الصحيحة ، و لماذا قالوا : ان الله هو المسيح ، هل لأنهم لم يفهموا حققة الايمان بالغيب ؟ ولم يرتفعوا الى مستوى هذا الايمان فحسبوا ان الله هو المسيح ؟ ، او لأنهم أرادوا ان يتمسكوا بالدين تمسكا شديدا فغالوا فيه فضلوا فلكي يرفعوا منزلة المسيح اشركوه بالله سبحانه ؟ أو لانهم انفتحوا على الثقافات المشركة - خصوصا - الثقافة اليونانية ، التي عشعشت في الاسكندرية ، و تسربت منها الى المسيحية ؟ أو لأنهم تصوروا عظمة الله ، و شدة باسه و صرامة احكامه فلكي يجدوا لأنفسهم مخلصا يسمحوا لانفسهم به فعل الذنوب قالوا : ان الله أكثر من واحد ، وانه اذا اراد احدهم عقابنا فسوف يخلصنا الثاني ؟
كل هذه الدوافع قد تكون وراء الشرك عموما ، وشرك النصارى خصوصا وقد لا يكون الشرك نوعا واحدا ، إذ ان الضلالة والانحراف قد تكون عبر الاف الطرق ، اما صراط الحق فلن يكون سوى صراط واحد .
وفي الايات التالية اشارات إلى كل هذه الدوافع التحريفية التي علينا ،نتحذر منها عندما نريد ان نبني امتنا .
[ لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار وما للظالمين من انصار ]كيف ينهى الله عن عبادة نفسه ؟ فاذا كان المسيح هو الله فكيف امرنا بعبادة غيره ؟
كلا . انه داعية اليه قالها بكل صراحة : ( الله ربي وربكم ) ثم حذر من الشرك بالله ، وبين جزاء المشرك ، واكد بانه لا هو ولا غيره قادرين على مقاومة إرادة الله في نصرة الظالم ، و إنقاذه من النار .
ما من إله الا الله :
[ 73] إن المسيحية المنحرفة ، انقسمت على نفسها في أن الله هو المسيح أو أنه شريك للمسيح ، وذلك إنطلاقا من اختلاف الأفكار الجاهلية القديمة ، التي قالت حينا بوحدة الوجود ، وحينا بتعدد الوجود ، وسواء كان قولهم الأول أو الثاني فهو كفر .
[ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ]
اذ ان الله يعني الأحدية المطلقة التي لو انكرها الفرد فقد انكر الالهوهية ذاتها .
[ وما من إله الا اله واحد ]
لذلك فمن انكر التوحيد ، فقد أنكر الله ، اذ ليس هذا الذي يتقبل الشريك إلها . أإله هذا الذي لا يقدر على شريكه ؟! أم إله هذا الذي يعجز عن بعض الأعمال من دون شريكه ؟! واذا ما الفرق بينه وبين خلقه ؟! واذا لماذا اساسا نؤمن بالاله ؟!
إننا حين نرى عجز الخلق عن بعض الأفعال ، نعرف أن هناك الها لا يدخل في طبيعته العجز ، ولا تحد قدرته حدود .
واذا رأينا الاله عاجزا ايضا، فلا يبقى مبرر للايمان به .
[ وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب اليم ]تخصص العذاب بالكفار منهم بالرغم من ان هذه الفكرة تنسب الكفر لكل من يتقبلها ولكن تخصص العذاب ببعضهم . لان من يقول بهذا الكلام دون وعي كاف قد لا يحكم عليه بالكفر ، مثل بعض المتصوفة من المسلمين ، الذين يغالون في أوليائهم حتى مرتبة الألوهية من دون شعورمنهم بحقيقة ما يقولون ، وانه لكفر بالله العظيم .
عيسى ليس باله :
[ 74] يزعم بعض النصارى أنهم يحتمون بعيسى ( ابن الله ) عن عذاب أبيه ، لأنه ارحم منه بنا ويفند الله سبحانه هذا الزعم بطريقيتين :
الاولى : جذرية ، حيث يقول :
[ أفلا يتوبون الى الله و يستغفرونه و الله غفور رحيم ]ان لا يجد من هو أرحم به من الله و أكثر غفرانا . فلماذا يتصور ان هناك من يخلصه من الله مادام الله لم يسد عليه ابواب رحمته .. فليعد الى ربه ليجد في رحابه كل خير .
[ 75] الثاني : ان المسيح ليس سوى بشر ، وهل البشر قادر على ان ينقذ الناس من غضب الله .
ان المسيح كان قد ولد من أم وهذا أول وأبرز أدلة عجزه و محدوديته ، وبالتالي فهو مخلوق ، ثم انه كان ياكل الطعام ومن دون الطعام كان سيموت مما يدل ايضا على انه لم يكن سوى بشر ، وهل يقدر من يحتاج الى الطعام ، أن يقاوم إرادة الله ، خالق الطعام ، و الشراب، و مالكهما .
[ ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ]لذلك لا تصبح معاجزة او علومه دليلا على انه إله ، لأن كل الرسل أيضا مثله يملكون معاجز و يعلمون بعض الغيب .
[ وامه صديقة كانا ياكلان الطعام ]
فليس هو أو أمه من نوع الالهة الذين لابد ان يكونوا بغنى عن الطعام .
[ انظر كيف نبين لهم الايات ثم انظر انى يؤفكون ]
[ 76] ثم ماذا يغني عنكم المسيح ، ما دام لا يغني عن نفسه غائلة الجوع ، إلا بالجهد و بوسيلة مادية أي بالطعام .
[ قل اتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم ]وهل بإمكانكم ان تحتموا به عن الله الذي يسمع ما تقولونه ظاهرا و يعلم ما في قلوبكم .
الغلو محراب الشرك :
[ 77] ان اهم الدوافع وراء تأليه المسيح عيسى بن مريم ، كان الغلــو في الدين ، وبقدر ما تكون اللامبالاة بالدين خطر فان الغلو خطر بقدره ، لأن هذا وذاك مخالفان للحق و الحق هو محور الكون ويجب ان يكون محور حياة الانسان ايضا .
[ قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ]
وحين أراد قادة الكنيسة دعم المبادىء الدينية توجهوا الى الغلو في الدين سعيا وراء ترسيخ مبادئه في النفوس ، ولكن الغلو بحاجة الى ايدلوجية تدعمه لذلك اتجهوا الى الثقافات الجاهلية ، و طعموا دينهم بها ، التي لم تكن سوى خرافات ، املتها اهواء أهل الضلالة كمثل خرافات اليونانيين عن تعدد الالهة ، و وجود قدرة غيبية لكل شيء هي وراء ما نرى في الطبيعة من تناقضات ، او تفاعلات إن هذه الخرافات ،هي التي تسربت الى المسيحية ، فحولتها الى دين المغالين .
و الله نهى عن ذلك بشدة قائلا :
[ ولا تتبعوا اهواء قوم قد ضلوا من قبل واضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ]
|