فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


القرآن بين التزكية والتعليم
القرآن الحكيم بين الظاهر و الباطن



بعد ان تعرفنا على خطي القرآن المتشابكين خط التزكية و خط التعليم ، و عرفنا ان الهدف الاهم الذي يبدو من سياق آيات القرآن هي التزكية ، بعد ذلك نستطيع ان نهتدي الى الظاهر و الباطن .

فالظاهر هي التزكية ، بينما الباطن هو التعليم .

وقد جاء في حيث مأثور : " ان ظاهر القرآن حكم و باطنه علم " و الحكم هي الشريعة مع موجبات تنفيذها من ترغيب و ترهيب و قصص وامثال . بينما العلم - هي السنن الفطرية التي بينها القرآن المجيد . و القوانين العلمية التي اشار اليها .

وجاء في حديث اخر : " ظهر القرآن الذي نزل فيهم و بطنه الذين عملوا بمثل اعمالهم " ( 1)(1) تفسير الصافي / الجزء الاول / ص 17


ومن المعروف ان قصة الذين نزل فيهم القرآن تعتبر الجانب التربوي منه ، ولكنه حينما ينتزع القرآن من القصص سننا عامة تشمل الذين نزل فيهم وتسع الذين عملــوا بمـثل اعمالهم . تعتبر - انئذ - تلك السنن علما بالتاريخ او الاجتماع او ما اشبه .

وجاء في حديث اخر : ان رجلا قال : سألت الامام عما يعني بقوله : للقرآن ظهر و بطن ؟ قال : " ظهره تنزيله و بطنه تأويله ، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد يجري كما يجري الشمس و القمر ، كلما جاء منه شيء وقع " .

وهذا الحديث يؤكد معنى الحديث الاول - و يتظافران على ان تنزيل القرآن هو الظاهر الذي يدل على اللفظ بينما التأويل وهو ايضا بطن القرآن - انما هو الواقع العلمي الذي يهدي اليه الظاهر و ينطبق على كل من يشارك مع اولئك في اعمالهم .

وقد عبرت بعض الاحاديث عن علوم القرآن بـ ( البطن ) لانها تخفي على الناس ، ثم تظهر بالتدبر ، وحسب اختلاف الناس - من النواحي العقلية و العلمية تختلف درجات الخفاء - حتى يعتبرالواقع الواحد ، ظهرا بالنسبة الى فريق ، و بطنا بالنسبة الى فريق اخر . لذلك تعددت البطون والاظهر بقدر تعدد درجات الناس في العقل و العلم . وجاء في حديث : ان رجلا قال : سألت ابا جعفر (ع) ، عن شيء من تفسير القرآن ، فأجابني . ثم سألته ثانية فأجابني بجواب اخر فقلت : جعلت فداك ، كنت اجبت في هذه المسألة بجواب اخر غير هذا قبل اليوم . فقال لي : " يا جابر ، ان للقرآن بطنا و للبطن بطنا و ظهرا و للظهر ظهرا " .

وهكذا فسر الامام (ع) آية واحدة عدة تفاسير حسب درجات السائل - اذ انه حينما عرف تفسيرا يشرح ظاهر القرآن استعد علميا ، لمعرفة تفسير يشرح بطنه .

بهذا نعرف معنى عدة احاديث مأثورة تقول ان للقرآن سبعة ابطن او سبعون بطنا . وبهذا ايضا نعرف قيمة التدبر باعتباره الكاشف لبطون القــرآن كلــما تدبرت كلما ازددت علما .

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس