(أ) اللغة
(ب) السياق لو بحثنا عن اول يوم تعلمنا فيه اللغة لعرفنا ان السياق كان اول سبيل لهذا التعليم . فالوالد استعمل لفظ العصى عندما كان يتكلم عن الضرب فعرفنا انه وسيلة الضرب و الوالدة اطلقت لفظة الولاعة حينما تكلمت عن الطبخ فعرفنا انها وسيلة النار . و.و.
ولا ريب ان وجود اللفظ في اطاره المتناسب يوحي بمعناه ربما اكثر من تفسير اللفظ بدون سياق يحده .
و القرآن الحكيم ، ذلك الكتاب البليغ الذي يناسب بين المفردات في اطار السياق بحيث يصعب عليك تبديل لفظة باخرى دون ان تضر بتناسب الكلمات .
لذلك يهدينا السياق ذاته الى المعاني الدقيقة للكلمات لانها وضعت في موقع متناسب جدا مع تلك المعاني ، فاذا اردنا ان نعرف بالدقة معنى اللفظ كان علينا مراجعة ما قبلها وما بعدها ، لمعرفة ما يتناسب معهما من معنى لهذه الكلمة ، فمثلا لو اردنا ، ان نكتشف معنى " قصد " في هذه الاية .
" وعلــى الله قصــد الســـبيل ومنــها جائــر ولــو شــاء لهـداكــم اجمعيــــــن " ( النحل / 9 ) .
لو اردنا ذلك قارنا بين القصد ، و الجائر ، و الهداية ، نعرف معنى القصد . لانه جاء في مقابل الجائر الذي يعني المائل ، فالقصد هو المستقيم ، و الجائر هو الظالم فالقصد هو العادل .
او اذا اردنا التعرف على معنى " نفش " في هذه الاية :
" و داود و سليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم ، وكنا لحكمهم شاهدين " ( الانبياء / 78) .
لو اردنا ذلك لم يكن علينا الا قياس كلمة نفشت بالحرث و الغنم و الحكم . مما نعرف انه اتلاف الحرث ، وهكذا .
وقــد جاء رجل الى صحابي فسأله عن معنى " الاب " الذي جاء في الآية الكريمة ، وفاكهة وأبا ، فلم يعرفه . وجاء علي عليه السلام وقال : ما مفاده ان معنى اللفظ موجود في الاية ذاتها لان الله سبحانه يقول :
" و فاكهة وأبا متاعا لكم و لانعامكم " ( 31- 32 /80 ) .
فالفاكهة لكم و الاب لانعامكم .
|