فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الفصل الثالث
منهج التدبر في القرآن
التدبر و الصفات النفسية



عدة صفات نفسية ينبغي ان يتحلى بها المتدبر في القرآن ليستطيع فهم آياته المجيدة حتى يتسنى له بعد تطبيق طرق التدبر على نفسه - معرفة الحقائق التي تنطوي عليها الايات ، واليك بعض هذه الصفات .

1 - الايمان بالقرآن على انه كتاب اوحى به الله رب السموات ليكون لعباده مبشرا و نذيرا ، و هاديا الى الحق بأذنه و سراجا منيرا .

لابــد ان نقــرأ القرآن بوصفه خطابا موجها الينا من الله العظيم ، فقد جاء في الحديث : " ان في القرآن المناجاة مع الرب بلا واسطة فأنظر كيف تقرأ كتاب ربك و منشور ولايتك ، وكيف تجيب أوامره و نواهيه وكيف تمثل حدوده " ( 1) انه وثيقة ارتباطنا بالمبدىء المعيد ، بالله .


(1) تفسير الصافي / ج 1 / ص 47


انه المنقذ من كل ضلال و شقاء . جاء في الحديث : " القرآن عهد الله الى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم ان ينظر الى عهده " .

ان القرآن قد يخاطب رسوله في نصوصه ولكنه لا يعنيه فقط : بل ويعني معه كل شخص تال له - جاء في حديث مأثور عن الامام الصادق عليه السلام ان القرآن نزل على لغة : " اياك اعني و اسمعي يا جارة " اي انه خطاب موجه الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه شامل ايضا لك ولي ولكل التابعين له .

حينما يقول القرآن :

" فأعلم انه لا اله الا الله و استغفر لذنبك " ( 19 - 47 ) .

يجب ان أبادر بالاستغفار لانه خاطبني شخصيا بذلك .

وحينما يقول الله :

" يا أيها الذين آمنوا " .

يجب ان استعد لتلبية أمره . وأقول : لبيك - اللهم - لبيك ماذا تأمرني ؟.

وحينما يقول :

" يا أيها الناس "

اقول نعم . ماذا نعمل ؟ وهكذا .

لقد كان اولياء الله العارفين يتلون القرآن بهذه الصفة - فكانت جلودهم تقشعر و قلوبهم ترتجف حين يقرأون آية ، بل كانوا يصعقون لعظمة وقع الآية في نفوسهم .


لقد تلى الامام الصادق عليه السلام آية في صلاته و رددها مرات . فصعق صعقة و وقع مغشيا عليه . فلما افاق سئل عن ذلك منه قال : " لقد رددتها حتى كأني سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته " (1)2 - و تنشأ من صفة الايمان بالقرآن - صفة كريمة اخرى هي الاستعداد لتطبيق آياته . ان هذه الصفة شرط هام في فهم آيات الله اذ ان التسليم المسبق لنتائج البحث عن الحق يساعد النفس على البحث المجرد ، كما ان الاستكبار و التردد في قبول نتائج البحث العلمي يقللمن قيمة هذا البحث عند الانسان وبالتالي يصرفه عنه .

من هنا كان على الانسان ان يجعل القرآن امامه و يسلم اليه زمام أمره . قبل ان يبدأ بتلاوة آياته حسبما يصف الامام علي عليه السلام المؤمن الصادق فيقول : " قد أمكن الكتــاب مــن زمامه فهو قائده و امامه يحل حيث حل ثقله و ينزل حيث كان منزله " .


وان فريقا من الناس يتلون القرآن فيأولون آياته حسب اهوائهم ابتعادا عن العمل بها ان هؤلاء لا يؤتون فهم القرآن ابدا . بل ان تلاوة القرآن ستزيدهم وزرا و وبالا .

انما يؤتي علم القرآن من تواضع للحق وسلم لله و فتش عن الواقع . و استعد سلفا لاتباع الحقيقة لو انكشفت له .


(1) الصافي / ج 1 / ص 47


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس