بينات من الآيات
قسوة القلب [ 74] ان قسوة القلب جاءت بعد مرحلة الاستخفاف بتعاليم الدين ، و الالتفاف حولها ، و التشبث بقشورها . ولذلك قال الله سبحانه :
[ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة ]كيف اصبحت قلوبهم اشد قسوة من الحجارة ؟
لان الحجارة قد تفيض بالعطاء كثيرا ام قليلا وتؤدي بذلك دورا في الحياة اما الانسان الذي يقسو قلبه فأنه ( والعياذ بالله ) لا يعترف لنفسه بأي دور ايجابي في الحياة ولا يلتزم باية مسؤولية فيها .
[ وان من الحجــارة لما يتفجــر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء ]كما ان الحجارة قد تخشع لله و لسننه في الحياة .
[ وان منها لما يهبط من خشية الله ]
بيد ان القلب القاسي لا يخشع للــه ابــدا . ثم يهدد الله اصحاب هذه القلوب القاسية ويقول :
[ وما الله بغافل عما تعملون ]
[ 75] ثم يحدثنا القرآن عن ان مشكلة هؤلاء ليست في انهم لا يعلمون ، بل في انهم لا يؤمنون و يقول :
[ افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعدما عقلوه و هم يعلمون ]ان كل شروط العلم متوفرة في هؤلاء . السماع للعلم المتمثل في الوحي ، ثم التعقل ثم العلم ولكنهم مع كل ذلك يحرفون كلام الله بغية الحصول على بعض المكاسب المادية .
[ 76] و اخطر من ذلك نفاقهم الذي يبدو من تصرفهم الماكر مع المؤمنين الصادقين ، حيث انهم يرفضون الايمان في الواقع ، اما في الظاهر فيدعون انهم مؤمنون .
[ واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ]
وذلك كسبا لبعض المغانم من هؤلاء المؤمنين الذين غالبا ما يكونون من البسطاء من اتباع موسى ( عليه السلام ) ، الذين يفرض عليهم الاحبار و الرهبان اتاوات باسم الدين .
و الغريب في تصرف هؤلاء انهم عندما يختلون الى بعضهم ينفتحون على بعضهم و يعترفون على انفسهم بانهم يحرفون كلام الله عمدا ، مع العلم المسبق بأنه كلام الله وان تحريفه يضربهم ، ولكنهم يحاولون منع اية حقيقة عن الناس حتى لا تصبح مادة احتجــاج عليهــم في الواقع ، ولكي لا تكتشف فضائحهم . ولكن القرآن يفضحهم ويقول :
[ واذا خلا بعضهم الى بعض قالوا اتحدثونهم بما فتح الله عليكم ]من العلم .
[ ليحاجوكم به عند ربكم افلا تعقلون ]
[ 77] [ اولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ]و انه سوف يفضحهم عاجلا ام اجلا .
ان هذه هي حالة الطائفة الذين من المفروض ان يكونوا الموجه الديني لبني اسرائيل ، انها تتردى الى الحضيض السافل ، حيث تتفق كلمتهم على تجهيل الناس للسيطرة عليهم و ابتزازهم و استغلال سذاجتهم . وهذه اخطر ما يمكن ان يهبط اليه مستوى امة رسالية كبني اسرائيل ، حيث تتحول مراكز توجيههم و هدايتهم الى بؤر لنشر الجهل و الضلالة .
ويبدو من الاية الكريمة . و آيات قرآنية اخرى : ان تحريف الكتاب قد تم عند اليهود بصورة منظمة وواعية ، و بتخطيط شامل . وهكذا يحدثنا التأريخ ان علماءهم حين لم يجدوا - من جهة - اقبال الناس على دينهم . و ازداد - من جهة ثانية - ضغط السلطات عليهم ، حرفوا الدين بما يتناسب و الخرافات المنتشرة بين الناس . و حذفوا منه البنود التي تعارض السلطات ، و اضافوا اليه افكارا استسلامية مثل ما لله لله . وما لقيصر لقيصــر . وانما ارادوا - بذلك - تكثير عدد الانصار حولهم ، و رفع غائلة الظلم عن انفسهم .
و نرى علماء اليهود و النصارى يحرفون حتى اليوم دينهم ، ليكيفوه مع ثقافات العصر و اتجاهات السياسة ، حتى ان التقارير الاخيرة ذكرت ان الكنيسة الكاثوليكية دعت بعثاتها التبشيرية في افريقيا الى خلط الدين المسيحي بثقافات الوثنية الافريقية ، لضمان اقبال الشعوب الافريقية على الدخول في كنائسهم .
[ 78] اما بقية الناس فهم اميون ، تحول الكتاب في واقعهم الى آماني و تقليد الاحبار و الرهبان ترى ما هي الاماني . وما هو الظن .
|