الكتاب بين الحلم و التقليد بناء على ما سبق فان الكتاب عند هؤلاء مجرد أماني و احلام ، و ربما ظنون و تقاليد . انه حسب تعبير القرآن الدقيق ، مجرد اماني يتسلى بها الضعفاء ، و يتغنى بحروفه المكروبون و المحرومون . بدل ان يكون صاعقا يفجر طاقاتهم ، و حافزا يثير عقولهم و نظاما لتوجيهحياتهم و علاقاتهم .
انظر الى السياق كيف يعبر عن حالة هذه الطبقة السحيقة .
[ ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب الا اماني ]
يعني ان الكتاب في نظرهم اصبح مجرد احلام يمنون انفسهم بها دون القيام باي نشاط حقيقي من اجل تحقيق اهداف الكتاب .
[ وان هم الا يظنون ]
وهؤلاء لا يستثيرون عقولهم ليفكروا او ليبدعوا ، انما يستثيرون بالكتاب خيالهم ليتصوروا و ليحلموا به . و يحتمل ان يكون المعنى من الظن هذا التقليد .
[ 79] ان هؤلاء الاميين مقصرون لا ريب في ذلك . الا ان وزرهم الاكبر يقع على عاتق اولئك الذين ضللوهم و حرفوا معاني الكتاب حتى حولوه الى مادة تخدير ، من بعد ان كان مادة تفجير . و حولوه الى مثير احلام ، من بعد ان كان مستثيرا للعقل و منهجــا للفكــر . لذلك يحدثنا القرآن عن هؤلاء فور ما ينهي حديثه عن الاميين و يقول :
[ فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ]وهؤلاء هم اولئك المحرفون الذين سبق الحديث عنهم ، انما يكرره القرآن ليلقي عليهم بمسؤولية ضلالة الاميين وليقول ان الهدف من التحريف انما هو الحصول على المكاسب المادية التافهة . تلك المكاسب التي لا تهنأ لهم وتلك الحرفة التي سرعان ما تتحول الى نقمة .
[ فويل لهم مما كتبت ايديهم و ويل لهم مما يكسبون ]
اي كسب مبارك تلك الحرفة التي تؤدي بانحراف الملايين من الناس ، و تجعلهم عرضة للاستغلال و الاستعباد ؟!
ان الطغاة يريدون ابدا ان يتحكموا في مصير الضعفاء . و الطريق الوحيد لحماية الضعفــاء من الطغــاة ، هو تسليحهم بفكرة ثورية تعلمهم كيف يجب ان يحافظوا على كرامتهم ، و يستردوا حريتهم . و الدين هو تلك الفكرة الثورية ، و العلماء هم امناء الله على هذه الفكرة . فاذا خان هؤلاء مسؤوليتهم ، فاي جريمة كبرى يقترفون ، حيث يجردون ملايين الضعفاء من سلاحهم الوحيد ، و يتركون الطغاة يستغلونهــم . بل انهــم يساهمون في هذا الاستغلال مباشرة عبر تفسيرهم التحريفي للدين .
|