بين الاماني و الظنون قالوا عن الاماني : انها ما يتخيله الانسان فيقرر في نفسه وقوعه و يحدثها بكونه ، ومن هذا قولهم : فلان يعد فلانا و يمنيه . ومنه قوله تعالى : " و يعدهم و يمنيهم ، وما يعدهم الشيطان الا غرورا "و حكــي عن الاعرابي انه قال لمن حدثه : اهذا شيء رويته ام تمنيته ام اختلقته .
وفي الكشاف (2) في تفسير الاية :
" ذكر العلماء الذين عاندوا بالتحريف مع العلم " اي قوله لا يعلمون الكتاب الا اماني " ثم العوام الذين قلدوهم وبنى على ذلك انهم في الضلال سواء " .
وفي تفسير غريب القرآن اي لا يعلمون الكتاب الا ان يحدثهم كبراؤهم بشيء فيقبلون ، و يظنون انه الحق وهو كذب وقد قال احدهم : ما تفنيت ولا تمــنيت ، اي ما اختلقت الباطل .
ولكن يبدو ان الاية تتحدث اساسا عن الاميين وكيف انهم يعيشون على الاماني و الظن وعلى هذا يحتمل ان تكون الامنية من انفسهم و الظن بسبب التقليد اوان تكون الاماني بمعنى التلاوة عليهم ، كما نقل انه احد معاني هذه الكلمة و انشدوا .
تمنى كتاب الله اول ليلة و اخره لاقى حمام المقادر(2) في الكشاف / ج 1 / ص 157
ولان القرآن يفسر بعضه بعضا ، فان السياق القرآني القادم اوضح بيان لهذه الكلمة . حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى : [ و قالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودة قل اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ام تقولون على الله مالا تعلمون ]ان تفسير الكتاب وفق ما يتمنونه ، او بتعبير اخر : حمل آيات الكتاب على ارائهم الموافقة لاهوائهم ، وبالذات فيما يرتبط بتبرير فسادهم و خداع انفسهم بإن العذاب لا يشملهم لانهم ابناء الله و احباؤه ، او لانهم من اولاد الانبياء الكرام او ما اشبه ؟ و الواقعيعتبر هذا اوضح معاني الامنية .
ومن هنا نعرف بلاغة التعبير القرآني ، حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى : " لا يعلمون الكتاب الا اماني " و كانهم يعلمون فقط اماني الكتاب ، او هكذا يفسرونه حسب امانيهم . وفي معنى هذا ، آيات اخرى : قال الله سبحانه :
" و قالــوا لن يدخــل الجنــة الا مــن كان هــودا او نصــارى تلك امانـــيهــــم " ( البقرة /111)" ليس بأمانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوء يجز به " ( النساء /123 )و الاماني التي يخدع بها هؤلاء انفسهم هي التي يفضحها السياق القرآني في الآيات الآتية .
|