فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[ 178] [ يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثى بالانثى ]انه مكتوب على الامة مفروض على كل واحد من ابنائها تطبيقها ولكن هذا حق يطالب به صاحب الدم وتكلف الامة بانتزاعه له اما اذا عفى صاحب الدم فهو حر في ذلك .

[ فمن عفي له من اخيه شيء فإتباع بالمعروف و اداء اليه باحسان ]ان الله يضع حول شرائعه لمسة احساس و عاطفة ، من اجل الا تكون الانظمة كلها صارمة و جامدة لا تتوافق و ظروفا معينة . انه يعطي هنا لصاحب الدم الحق في العفو ليصبح صاحب الدم و الجاني اخوة . وعلى الجاني ان يراعي هذه الاخوة الجديدة بالمعروف و الاحسان ، اي يجب ان تتحول الجناية الى عامل اصلاح في حياة الجاني . فاذا به يصبح صاحب المعروف بأن يدفع الدية حسب المتعارف ، و صاحب الاحسان الذي يسعى من اجل اسعاد اولياء القتيل بأية وسيلة ممكنة .

[ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ]

و الاسلام دين القانون و دين الرحمة في ذات الوقت . فهو ذو قانون محدد ولكنه مؤطر بالرحمة ، لتخفيف صرامة القانون في ظروف معينة . ولكن هذه الرحمة وضعت لكي يتحول الجاني بسببها الى رجل صالح في المجتمع ، واذا كانت الرحمة بالنسبة اليه تشجيعا لـه علــى متابعة اعماله الجنائية فهنا يجب ان يكون المــجتمع صارما معه ايضا .

[ فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم ]

[ 179] لماذا القصاص ؟ لماذا نقضي على حياة انسان قضى على حياة غيره ؟ اوليست هذه الحياة الثانية محترمة كالتي قضي عليها ؟

بلــى ، ولكننا لا ننظر الى هذه الحياة او تلك بقدر ما ننظر الى حياة المجتمع كله ، و ضرورة المحافظة عليها كلها ، وعبر هذه النظرة نرى ان القصاص ضرورة حياتية .

[ ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب ]

اذ انه يبني سورا منيعا حول حياة المجتمع كله ، فيقتل نطفة الجريمة في مهدها ، ولا يدعها تنمو حتى تتحقق ، لان العقاب شديد و صارم . واذا الغي مبدأ القصاص فيمكن ان تتسع عمليات القتل الدفاعية في الامة ، اذ قد يحس كل فرد انه يتعرض للقتل من قبل خصومه فيبادر بقتلهم ، وهكذا تنتشر الجريمة وربما دون اي مبرر سوى الخوف الباطل . لذلك يقول القرآن في فلسفة القصاص و الهدف من تشريعه .

[ لعلكم تتقون ]

اي الهدف منه هو ايجاد رادع عن الجريمة في المجتمع ، يتقي الناس به من ارتكابها .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس