الوصية وحق الاموال [ 180] و بمناسبة الحديث عن حرمة النفس و القصاص الذي ينتهي بالموت ، يتحدث القرآن عن الوصية باعتبارها تثبت حق الفرد في امواله حتى بعد الممات ، وبذلك يتكرس هذا الحق في حالة الحياة بالطبع ، و الوصية مكتوبة على ذوي اليسار الذين ينبغي ان يوصوا لاقاربهم.
[ كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف حقا على المتقين ]ان هذه الوصية حق ثابت على المتقين لكي لا يضيعوا حق والديهم و اقاربهم . ولم يتحــدث القــرآن عن الوصية للاولاد ، لانهم الجيل الصاعد و الوارث الطبيعي للاباء ، ولكن ينبغي ان يوصي الوالد لابنه المحتاج الى عطف اضافي و تمضي الوصية في ثلث اموال الميت وهكذا جاء في الحديث الشريف - كما جاء في مجمع البيان (ج1ص 267) وقد روى اصحابنا عن ابي جعفر عليه السلام انه سئل ، هل تجاوز الوصية للوارث فقال : نعم وتلا هذه الآية .
[ 181] الوصية حق على المتقين ، ولكن تنفيذ الوصية حق على الناس ، وعلى الانسان ان لا يمتنع عن الوصية بحجة الخوف من عدم تنفيذها ، اذ التنفيذ مسؤولية الوصي اولا و المجتمع ثانيا ، وليس مسؤولية الذي يوصي .
[ فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه ]صاحب التبديل و شركائه من الذين يرضون بالتبديل ولا ينهون عنه .
[ ان الله سميع عليم ]
شاهد على الوصية ، عالم بمن يبدلها .
[ 182] [ فمن خاف من موص جنفا او اثما ]
ظلما متعمدا او غير متعمد ذلك ان الجنف - كما جاء في مجمع البيان ( ج1ص 269 ) هو الجور والميل عن الحق ، ثم قال :
الاثم ان يكون الميل عن الحق على وجه العمد و الجنف ان يكون على وجه الخطأ من حيث لا يدري انه يجوز ، وهو معنى قول ابن عباس و الحسن ، و روي ذلك عـن ابي جعفر (ع) .
وقال الجنف : هو ان يوصي به في غير قرابة ثم اضاف عليه اكثر المفسرين وهو المروي عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهما السلام (المصدر ) .
[ فأصلح بينهم فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم ]
ذلك لان الله سبحانه يغفر لمن كان على الخطأ كالموصي اذا تراجع عن خطأه .
هذه هي مسؤولية المجتمع في مسألة الوصية ان يراقبوا الموصي ، فلا يدعوه يجفو بحق اولاده او يضرر بهم ، كأن يكون الموصي لا يملك الا بيتا واحدا وله ذرية ضعفاء ، فيوصي بتلك الدار لرجل غريب ، مما يسبب في بيع الدار وابقاء اهله بلا دار سكنى ، آنئذ يتدخل المجتمع لتصحيح الوصية .
جاء في حديث شريف مأثور عن الامام الباقر عليه السلام في معنى هذه الآية الكريمة .
( من عدل في وصيته ، كان كمن تصدق بها في خيانة ، ومن جار في وصيته لقي الله - عز وجل - يوم القيامة وهو عنه معرض ) (1)(1) تفسير نمونه / ج 1 / ص 621
|