فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[ 204] [ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على ما في قلبه ]

و يصوره صادقا لنا ، و يدعم كلامه ابدا باليمين .

[ وهو ألد الخصام ]

في الجدل ، لدود .

[ 205] [ واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد ]هذه هي صفات المنافق الرئيسة ، وهي اربع صفات :

الاولى : انه معسول الكلام فيما يخص الحياة الدنيا ، يتحدث عنها بشهية مفتوحة و لعاب مسال و كأنه يتحدث عن حبيبته المفضلة في قلبه ، هذه الصفة نابعة من شعور المنافق بالنقص فيما يرتبط بالدنيا ، فهو يهتم بها أهتمام الجائع المنهوم بالرغيف .

الثانية : انه يكذب وهو يعلم انه يكذب ، ولكي يبرز كذبه بمظهر الصدق ، يحلف بالله كثيرا ، وهذه الصفة ناشئة عن تصوره الدائم بإن الناس لا يصدقونه في اقواله .

الثالثة : انه ينفجر غيظا اذا عورض في كلام له ، و يحاول ان يثبت كلامه بالرغم من الاعتراض ، وذلك عن طريق مواصلة الجدل لانه قد اجاد صناعة الكلام ولا غيرها .

الرابعة : ان عمله هو الفساد لا الصلاح ، فهو لا يحب احدا ، ولا يحب ان يمتلك احد شيئا ، ولذلك فامنيته الكامنة هي الا يعيش احد ولا يبقى شيء سليما ، تراه يفسد بين الناس بالغيبة ، والنميمة ، و التهمة و يبخس الناس اشياءهم بالتحطيم ، والتكسير ، وعدم المبالاة و..و.. الخ .

واذا اوتي القوة استخدمها في ابادة الحياة ، و الزراعة ، و الانتاج ، و الناس أجمعين .

[ 206] هذه صفات المنافق الظاهرية ، اما صفته الواقعية فهي عدم التقوى .

[ واذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم ]

انه يصور نفسه فوق الحق وفوق قيم الله في الارض ، فلا يرى ضرورة للخضوع للحق ، بل تأخذه العزة والانفة ، فاذا به يعتز بالاعمال السيئة التي يعملها ، و يصورها حسنة لمجرد انها صدرت منه ، فهو يعتز بالاثم بدل ان يعتز بالحق .

ان هذه هي صفة المنافق الجذرية وهي : التمحور حول الذات وجعلها مقياسا للحق ، وهي صفات مقابلة تماما للتقوى ، وهي جعل الحق مقياسا للحقيقة ابدا وعلى الانسان ان يتمحور حوله لا حول نفسه .

اي عذاب اليم يجب ان يكون جزاء هذا المعاند الاثيم ؟

لا شيء غير النار .

[ فحسبه جهنم ولبئس المهاد ]

[ 207] عكس المنافق تماما ، المتقي الذي ليس لا يتمحور حول ذاته فقط ، بل يبيع ذاته لله ايضا .

[ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد ]وحين يشري نفسه يجعلها تدور مدار الحق وتتبعه انى اتجه ، سواء كان عند صديقه او قريبه او رئيسه ، او كان عند خصمه البعيد عنه او عبده او مرؤوسه . انه يعرف الحق ولا يعرف اية قيمة اخرى ذاتية كانت او طاغوتية اجتماعية .

انه لا يفكر بعد ان باع نفسه لله ان يثبت لاحد انه فعل ذلك ، او انه مخلص ، او يشهد الله على ما في قلبه ، كلا انه يعرف ان الله بصير به فيبقى مخلصا لربه العليم بحاله ، ويكفيه ذلك من الناس ، فتراه خاشعا لله مسلما له راضيا بأقداره ، نشيطا في ابتغاء مرضاته ، متصلبا في ذات الله ، ثائرا ضد اعداء الله ، لا ترهبه قوى العدو ، ولا تأخذه في الله لومة لائم .


هذه هي شخصية المتقي فهل نجدها في انفسنا ؟


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس