واجبات العلاقة الزوجية
هدى من الايات يبين القرآن هنا مجموعة من الحدود في العلاقة الزوجية ، والتي هي طائفة من حقوق المرأة في الاسرة تستعرضها هذه الايات من زاوية الطلاق . لان حالة الطلاق ، تعتبر قمة النشاز في العلاقة العائلية ، و التي تتعرض حينها الحقوق للضياع . فالحديث عنها يعني الحديثعن الالتزام بالحقوق في الحالات العادية .
المسلم المتقي : هو الذي يلتزم بحقوق الناس ، ابتداء من عائلته ، ثم ليس في الحالات العادية فحسب ، وانما في الاوقات الصعبة ايضا كالطلاق .
في البدء يذكر القرآن جانبا من احكام الايلاء حيث يحلف الزوج الا يباشر زوجته ، فعليه ان يكفر عن حلفه ويباشرها او يطلقها . وهذه حالة يدخل فيها الحلف طرفا في الحقوق الزوجية ، و ذكرت هنا بمناسبة الحديث عن الايمان الباطلة . باعتبار الايلاء مثلا لاستغلالاليمين في الاضرار بالآخرين .
ثم يستعرض احكام الطلاق ، حيث يجب على المرأة ان تعتد حتى يستكشف ما في رحمها من حمل . و خلال فترة العدة ، يجوز للزوج ان يرجع اليها .
ولا يجوز ان تستمر عملية الطلاق ثم العودة الا مرتين ، ففي الثالثة لا بد لهم من الاختيار النهائي ، فان استطاعا الالتزام بالواجبات الزوجية فليبقيا على العلاقة , والا فتسريح باحسان .
وفي الطلقة الثالثة لا تحل له الا بعد ان تتزوج من غيره ، وبعد العدة لا يجوز الامساك بالمطلقة ، لانها حرة كما لا يجوز له ان يمنعها من الزواج بمن شاءت .
و بمناسبة الحديث عن الطلاق ، يأتي الحديث عن الرضاع باعتباره موضع تفاهم بين الزوجين ، ثم يعود الحديث الى حقوق الزوج المتوفى عن زوجته . فعليها ان تبقى في حداد اربعة اشهر و عشرا .
وبعدئذ يواصل القرآن الحديث عن المطلقات ، و يحذر من ان يصبحن اداة لمتعة اهل الشيطان ، بل السبيل الوحيد لهن الزواج من رجال اخرين .
ومن حقوق المطلقات ايضا المهر . حيث يجب ان يدفع كله ، بالرغم من الطلاق . الا في حالة واحدة هي الطلاق قبل الدخول حيث يدفع نصف المهر .
ومن الطلاق ينتقل القرآن الى الالتزام بالصلاة . خصوصا الوسطى لكي لا ننسى ربنا . فهو الذي يبارك تلك العلاقات و يحل المشاكل ، و يعطينا ايمانا نقاوم به مغريات الشيطان و سلبيات انفسنا .
وبعد ان يذكر بعض الحقوق المستحبة للنساء ، كالوصية لهن بالبقاء في البيت بعد وفاة الزوج ، او الاحسان اليهن بعد الطلاق ، بعدئذ ينتهي الدرس .
ان اسلوب عرض القرآن لحقوق المرأة هنا يختلف عن اسلوبه في السور الاخرى . لانه هنا يبين لنا : ضرورة الالتزام التام بحدود الله ، وفي الاوقات الحرجة ، حيث يكاد الشيطان يتغلب على ارادة الانسان . ولهذا تجد القرآن يذكرنا هنا بالتقوى مرة بعد اخرى ، و يطالبنا بتذكر الله و تذكر انه عليم بعباده وانه بصير خبير . وعلينا ان نحذره حذرا شديدا ، كل ذلك ليكرس روح التقوى في نفوسنا . تلك الروح التي هي واحدة من اهم ميزات الشخصية المؤمنة .
|