بينات من الآيات
التقوى في العلاقة الزوجية [ 226] لا يجوز ان يضر الزوج بزوجته ، فيجعلها في بيته دون ان يؤدي اليها حقوقها ، و التي منها حقها في المتعة الجنسية . بل عليه ان يباشرها لا اقل مرة كل اربعة اشهر . فاذا حلف يمينا ان يمتنع عن المباشرة الجنسية ، لسبب او اخر ، فانه يمنح له فرصة اربعة اشهر . بعدها يجب عليه : اما العودة اليها و كفارة حلفه ، واما طلاقها . جاء في الحديث المأثور عن الامام الباقر و الصادق ( عليهما السلام ) انهـــما قــالا : " اذ الى الرجل ، لا يقرب امرأته ، فليس لها قول ولا حق في الاربعة اشهر ، ولا اثم عليه في الكفعنها في الاربعة اشهر ، فان مضت الاربعة اشهر قبل ان يمسها فما سكتت و رضيت فهو في حل وسعة ، فان رفعت امرها قيل له : اما ان تفيء فتمسها ، واما ان تطلق ، و عزم الطلاق ان يخلي عنها " (1)[ للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر فان فاؤوا فان الله غفور رحيم ]بالرغم من ان نقض اليمين حرام . الا ان هذا اليمين مرتبط بحقوق الناس .
(1) نور الثقلين / ج 1 / ص 220 .
و الله يغفر نقضه ، للنية الصالحة وراء هذا النقض .
[ 227] [ وان عزموا الطلاق ]
فعليهم الالتزام بحقوق الزوجة و تقوى الله فيها .
[ فان الله سميع عليم ]
[ 228] بعد الطلاق الذي يقع بسبب او اخر ، يجب على المرأة ان تعتد ولا تتزوج خلال فترة تتحدد بعادتها بثلاثة قروء و السؤال ما هي القروء الثلاثة ؟ جاء في بعض كتب اللغة .. ان هنا فرقا بين ( القرء ) بفتح القاف . فهو للحيض و ( القرء ) بضم القاف فهو للطهر ،وان جمع الاول يأتي على ( أقراء ) ، بينما يأتي جمع الثاني على ( قروء ) .
وهكذا تكون الآية دالة على انه تكفي حيضتان و ثلاثة مرات طهر . فاذا دخلت في الحيضة الثالثة بانت . وعلى ذلك افتى المشهور كما جاء في حديث شريف عن زرارة عن ابي جعفر ( عليه السلام ) " ان عليا كان يقول : " انما القرء : الطهر ، فيقرر فيه الدم فتجمعه ، فاذا جاء الحيض قذفته ، قلت رجل طلق امرأته من غير جماع بشهادة عدلين ، قال اذا دخلت في الحيضة الثالثة انقضت عدتها وحلت للازواج ، قلت : ان اهل العراق يرون ان عليا (ع) يقول : انه احق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، فقال : كذبوا " (1)
وهكذا اذا حاضت المطلقة ثم طهرت ، حتى ثلاث مرات فقد خرجت من العدة واذا لم تحض تنتظر ثلاثة اشهر ، تخرج بعدها من العدة ، و تصبح حرة في التصرف في(1) البرهان / ج1 / ص 219
نفسها .
ان العدة حق من حقوق الزوج على الزوجة كما هو حكم من احكام الله . ذلك انه في هذه الفترة يراجع الزوج نفسه وقد يعود اليها ، و حكم من الله ، اذ انها تحافظ على ماء الرجل عن الاختلاط بماء غيره ، وبالتالي تمنع ضياع نسب الافراد . و ظهور طبقة من الشذاذ فيالمجتمع .
[ و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ]
ينتظرن فترة ثلاثة مرات تذهب عنهن عادتهن الشهرية ( الحيض ) فاذا ظهر خلال الفترة اثار الحمل فعليهن اظهاره .
[ ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن ان كن يؤمن بالله و اليوم الاخر و بعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا ]ففي هذا الوقت ، وقت العدة ، يحق للزوج الرجوع بشرط ان يكون رجوعه الى الزوجة بعد تصميم على بناء حياة زوجية عادلة .
[ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ]
و ليس من الصحيح تحميل الزوجة واجبات دون ان تعطى لها حقوق ، مثلا ، حين يفرض عليها واجب التربص و الانتظار ، يعطي لها حق النفقة خلال الفترة و الواقع : ان هذا قانون انساني عام حيث يجب ان تربط الحقوق بالمسؤولية في اي تشريع .
[ و للرجال عليهن درجة ]
اذ جعل الرجل هو الحاكم في محيط الاسرة . و بيده الطلاق ، و عليه النفقة ، وله الطاعة .
[ و الله عزيز حكيم ]
عزيز في قدرته على الرجال و النساء . حكيم في تشريع الواجبات و الزام الناس بها .
[ 229] الطلاق ، لا يتكرر الى ما لا نهاية ، ذلك ان تكرار الطلاق يجعل الزوج في وضع الحاكم المطلق الذي لا تتحدد تصرفاته . انما يمكنه ان يطلق فقط ثلاث مرات حيث تحرم عليه المرأة الا بعد ان تتزوج برجل .
[ الطلاق مرتان ]
و بعدهما على الزوج ان يختار احد الامرين .
[ فامساك بمعروف ]
و زواج صالح و معاشرة معروفة .
[ او تسريح باحسان ]
او انهاء العلاقة الزوجية للاخير ، و اعطاءها حقوقها و اضافة الاحسان الى الحقوق .
وعند الطلاق يبقى المهر عند المرأة ولا يحل للرجل ان يسترجع المهر الا في حالة واحدة هي : تنازل المرأة عن مهرها في مقابل قبول الرجل بطلاقها . اذا هي ارادت الطلاق . وبالطبع في هذه الحالة يجب ان يتدخل الناس ليعرفوا ما اذا كان طلب الطلاق من قبل الزوجة مستند الى تضييع الزوج لحقوق الزوجية . و عدم رعاية حدودالله فيها ، ام نابع من شهوة او غضبة عابرة .
[ ولا يحل لكم ان تأخذوا مما اتيتموهن شيئا ]
من المهر .
[ الا ان يخافا الا يقيما حدود الله ]
حيث وصلت العلاقة الزوجية مرحلة بعيدة من الحساسية ، بحيث يصعب معها الالتزام بالحقوق المتقابلة .
( فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ]و اعطت من مهرها ، ثمنا لطلاقها .
[ تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ]الظالمون لانفسهم و للمجتمع من حولهم ذلك ان هذه الحدود وضعت ضمانا للعدالة الاجتماعية ، و رعاية لحقوق الجميع ، ومن يجاوزها فهو الظالم الآثم .
[ 230] و بعد الطلاق الثالث ، تحرم على الزوج حتى تتزوج من رجل اخر زواجا دائما ، ويباشرها الزوج ، ثم ان طلقها تحل للزوج الاول .
[ فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ان ظنا ان يقيما حدود الله ]فلا يجوز العودة اليها ، للاضرار بها ، بل لكي يؤسسا ، فعلا ، حياة عائلية متينة .
[ وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ]
اي للعلماء الذين يتفهمون الحقائق ، و يعرفون مدى اهمية العلاقة الزوجية ، و مدى ما تحتــاج هــذه العلاقة الى الضبط والتحديد ، لان اندفاع شهوة الجنس من جهة ، و نزغ النزاعات والسلبيات من جهة اخرى تجعلان العلاقة الجنسية مهتزة . و بالتالي تهددان البناء الاسري بالزوال ، ولذلك بين الله حدودا حاسمة لهذه العلاقة حتى يحافظ من جهة على استقامة شهوة الجنس ، و عدم انحرافها في متاهات بعيدة ، ومن جهة ثانية يقلل . من السلبيات ويحسم النزاعات .
ان المجتمع الصناعي اليوم يعاني من اهتزاز العلاقة الجنسية . و يعاني لذلك من الكثير من السلبيات الناتجة عن انعدام الاسرة ومنها انعدام التكامل الخلقي و تراكم العقد و اشاعة الامراض الخطيرة .
[ 231] بعد العدة تصبح المرأة حرة ، وعلى الزوج ان يفكر مليا فيما اذا يريد زوجته ام لا . فاذا ارادها فعليه ان يراجعها قبل انتهاء الفترة الممنوحة له . و الا فليس له حق في منعها من التصرف في شؤونها لانها اصبحت حرة .
[ واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ]لتضروا بهن ، وتمنعوهن من الزواج بغيركم ، لان ذلك عدوان وظلم .
[ و من يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ]
ذلك ان حدود الله التي تحافظ على حقوق الناس هي في مصلحة الجميع . فاذا تجاوزها شخص و اعتدى على حقوق الاخرين ، فقد يأتي شخص اخر و يعتدي على حقوقه هو . وهكذا تعم الفوضى . من هنا وقبل ان يفكر الواحد في ظلم الناس ، لابد ان يجعل هذا الظلم في الاطار الاجتماعي العام و يحلل الموقف . هل يريد ان يعود
للمجتمع الظلم والفوضى و.و. ام لا . اذا احب ذلك فليقدم ، ولينتظر النتائج السيئة . من هنا يذكر القرآن هؤلاء الظالمين بنعمة الرسالة ويقول :
[ ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمت الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به ]فهل تحبون العودة الى حياة الجاهلية ، حيث لا كتاب فيه دستور حياتكم ، ولا حكمة تشرح تفاصيل سلوككم ..؟
[ و اتقوا الله واعلموا ان الله بكل شيء عليم ]
هذه الفكرة هي - في الواقع - ضمانة تنفيذ حدود الله المبينة في الايات السابقة ، وهي جوهر آيات هذا السياق ، الذي يتحدث لنا عن التقوى في مظاهرها المختلفة .
[ 232] هل تستطيع الزوجة ان تعود الى زوجها الاول بعد انقضاء فترة العدة ؟ بالطبع يجوز لها اذا اختارت ذلك ، و دون ان يتمكن زوجها من جبرها على ذلك . الا ان هناك بعض الاقارب ( ابوها او أخوتها او او . ) قد يمنعونها من ذلك . وهم ظالمون .
[ واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ]
ولا تؤذوهن .
[ ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف ]
وذلك بعقد جديد ، يحتاج الى تراض منهما معا ، وليس من الزوج وحده ويكون بذلك معروفا .
[ ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله و اليوم الاخر ذلكم ازكى لكم و اطهر ]حيث انكم لو منعتم المطلقة من زوجها فقد لا يخطبها احد ، او قد تسقط في مهاوي الرذيلة . او قد تربطها علاقة غير طبيعية مع زوجها الاول .
[ و الله يعلم وانتم لا تعلمون ]
لا تعلمون اضرار الكبت الجنسي حيث يؤدي الى انفجار خطير .
|