فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الاطار العام


لكي تصلح نظرة الانسان الى نفسه جاءت رسالات الله ، قبل ان يكون الانسان غنيا او فقيرا ، شريفا في النسب او وضيعا ، عربيا في اللغة و العنصر او اعجميا ، ابيضا او احمرا او اسودا .. قبل كل ذلك فهو انسان ، و من نظر اليه من خلال ملابساته المادية فقد كفر بلبه و جوهرته السامية .

و هنا تتميز الجاهلية عن الاسلام دين الفطرة السليمة و العقل المستنير ، فالجاهلية تقيم الناس على اساس الملابسات المادية ، بينما الدين الحق يقيمهم على اساس درجات ايمانهم مما يتصل بكل واحد منهم كانسان ، اوليس اصل الانسان عقله ؟

و حامل رسالات الله لا يجوز ان يتنازل عن هذه الميزة الهامة فاذا به يميز الناس على اسس مادية ، فما قيمة الرسالة اذا ، و كيف يمكنه اصلاحهم يومئذ و تغيير مفاهيمهم الخاطئة و هو الذي يخضع لها ؟ !


و يبدو ان هذه السورة الكريمة تبصرنا بهذه الحقيقة فاذا بفاتحتها عتاب شديد ، لمن عبس و بسر في وجه الاعمى و تولى بينما تصدى لمن استغنى . ثم يبين السياق سمو قيمة الايمان ، و قيمة القرآن ، و يهدينا الى صفات حملته بحق ، و هم الكرام البررة الذين ينبغي انيصبحوا محور التجمع الايماني ( لا اصحاب الغنى و الجاه و الشرف الزائف ) .

ثم ينعطف السياق نحو التذكرة بالايمان عبر تعداد نعم الله على الانسان و تقلباته منذ ان كان نطفة الى ان اصبح بشرا سويا و تيسر لسبل الخير و السلام و حتى يموت فيدفن ، و يذكرنا بواحدة من اعظم نعم الله علينا و هي نعمة الطعام ، و يدعونا الى النظر فيها ، وكيف يوفرها الله لنا بالغيث ؟ كل ذلك لان الايمان بالله و نبذ الكفر بكل الوانه هو السبيل لبناء مجتمع القيم الذي يسمو عن الخضوع لاصحاب المال و الجاه .

و في الختام ينذرنا الرب بيوم الصاخة ، و يذكرنا بانه في ذلك اليوم لا تنفع هذه العلاقات المادية فحتى الارحام تنقطع ، انما القيمة الحق يومئذ هي العمل الصالح . الا نجعله ايضا قيمة تجمعنا اليوم ؟


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس