الاطار العام
عندما تغور النفوس في لجة عميقة من السبات ، و عندما تتحجر القلوب فتمسي اشد قسوة من الجلاميد ، و حينما ينساب الانسان بلا وعي و لا ارادة مع التقاليد الباطلة لا يرضى تطويرا و لا تحويلا .. هنالك تشتد حاجة الانسان الى صعقات النذر ، كما الرعود الهادرة توقظ القلب من سباته ، و تستثير العقل من تحت ركام الخرافات .
و جاء الوحي يصدع به النبي النذير - صلى الله عليه وآله - اضاءات متواصلة في محيط من الظلام الدامس ، و صعقات بالغة الشدة في بيئة السكوت و الجمود ، و براكين حارقة للمقدسات المزيفة ، و الخرافات الجاهلية المتوارثة .
و سورة التكوير واحدة من تلك الصعقات ، فاذا انفتح عليها القلب كاد يتصدع هولا ، لانها تفتح نافذة واسعة على جيشان الحقيقة ، و طوفان التطورات فيها ، انها مفتاح التطوير و الابداع في القلب و العقل و السلوك .
و تحدثنا آياتها الفاتحة عن الشمس اذ كورت .. بلى . الشمس التي هي محور منظومتنا هي الاخرى تتكور في يوم رهيب . فلماذا الاسترسال مع السكون القاتل ، و النجوم كذلك تنكدر ، و العشار تتعطل ، و تمضي آياتها الصاعقة ترسم صورة رهيبة لذلك اليوم لعل قلوبنا تتساءل : ماذا عنا في ذلك اليوم ؟ فيأتي الجواب مهولا : " علمت نفس ما احضرت " عظيم حقا ان نعود الى اعمالنا التي تتجسد امامنا و نعلم بها انها المسؤولية بكل ثقلها ، و تنقلنا الصورة فورا الى النجوم اذ تخنس ، و الكواكب اذ تكنس ، و الليل اذ يعسعس ، و الصبح اذ يتنفس . اوليست تلك آيات الله الاكثر اثارة لنفوسنا ، و التي تهدينا الى حكمة الرب و قدرته ؟ بلى . فان القران قول رسول كريم ، لانه و بشهادة العقل و الضمير تعبير عن تلك الآيات ؛ انه كتاب ينطق عن رب الكائنات ، و تنطق الكائنات بحقانيته .
و في الختام يصور القرآن لنا تنزل الوحي عبر افق مبين ، و يتساءل : فاين تذهبون عن هذا الوحي الحق ؟ انه ذكر من الله للعالمين ، لمن شاء ان يستقيم .
انها ثلاث صور عظيمة : صورة رهيبة عن الساعة ، و صورة جذابة عن الطبيعة ، و صورة رائعة عن الوحي .. سبحان الله الذي انزل هذه السورة سبحانه سبحانه ! !
|