فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات


المعارضة المنظمة :

[112] لنعرف ان هناك معاندين لا ينفع معهم الجدل ، و أن موقف هؤلاء لا يعتمد على دليل مضاد فلا يبعث موقفهم في انفسنا الوهن و الشك , فنقول : لعل حديثهم ينطوي على جانب من الصحة فنخرج - لا سمح الله - من الايمان ، لذلك جاء هذا الدرس وما مضى ليؤكد على أنالله سبحانه ليس فقط حرم هؤلاء من نعمة الهداية ، و سلبهم نعمة الفطرة النقية ، و انما ايضا نظم هؤلاء في قيادة مناهضة لامامة الرسول ، و جعلهم يقلدون اساليب الرسالة حتى ان بعضهم يوحي الى البعض الاخر .

[ و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس و الجن ]و السؤال : كيف جعل الله ذلك ، هل خلق أعداء ليكونوا مناهضين للرسالة ؟

ربما الجواب السليم هو : ان هذه سنة من سنن الله في الحياة ، يذكرها القرآن هنا لنكون على بصيرة منها لئلا نفاجئ بها ، و لان كل السنن في الكون من صنع الله لذلك يعبر عنها القرآن دائما بمثل هذه التعبيرات .

ان الرسالة التي تنتشر دون مقاومة أعداء لابد ان يتهم أصحابها أنفسهم ، لان هذه السنة لم تتحقق فيهم ، و ان الرساليين الذي ينتظرون عملا سهلا و ميسورا . انهم على خطأ ان شيطان الانس يتمثل في مجتمع الطاغوت ، و شيطان الجن يتمثل في أهواء الجبت و المنافقينوما أشبه .

[ يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ]


وحي الرسالة يتمثل في البصائر التي تساعد البشر على رؤية حقائق الحياة ، بينما وحي أعداء الرسالة و ثقافاتهم الاسطورية ( المقدسة عندهم ) يتلخص في أقوال مزخرفة ذات أدب خاو مشبع بالكلمات المفخمة ، غير ذات المحتوى ، اما روح هذه الكلمات فيتمثل في الغرور ، ونفخ الانانية الباطلة ، ان هذا مقياس صادق لتمييــز الثقافة الرسالية عن الجاهلية .

حيث ان الاولى تدعو الى تقديس الحق ، و التواضع له ، و نسيان الذات و الارض ، و الدم و اللغة ، والثروة و ما أشبه من اجل احقاق الحق ، بينما الثانية تقدس كل شيء مادي غير الصدق و الحق و الخير وما أشبه .

[ ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ]

فــلا نتصور ان هناك ضرورة تدعو الى اسكات هؤلاء ، و تصفيتهم أو هدايتهم ، اذ لوشاء الله لفعل ذلك ، فهو قادر على ذلك و انما لم يفعل لحكمة بالغة .


الايمان بالآخرة و مسؤولية الضلال :

[113] ومن سنن الله في الحياة ان نعيق ائمة الضلال ، يستقطب الهمج الغثاء الذين يفقدون الايمان بالآخرة ، فيكون امتحانا لهم ايضا .

[ و لتصغى اليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ]

انما ركز القرآن على الايمان بالآخرة ، لان السبب في عدم الايمان بالله وهو مصدر كل معرفة و ايمان ليس عدم وضوح الشواهد ، فالله اكبر شهادة من كل شيء ، و انما عدم الخوف من العاقبة ، وأساسا قصر النظر ، و محدودية الرؤية بما في عاجل الدنيا ، بل عاجل اللحظة التي يعيشها الشخص من الدنيا .


[ و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون ]

من الجرائم حتى يلاقوا جزاءهم العادل بعد عمل و علم بذلك .

و انما قال ربنا : " و لتصغى اليه افئدة " ولم يقل اسماع لان هذه الافكار لمزخرفة تتناسب وخوائهم العقائدي فيتقبلونها بأفئدتهم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس