فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الاطار العام


من رحم الظلام يتنفس الفجر ، ومن رحم المأساة يولد أمل التغيير ، و عندما تأخر الوحي قليلا ، وزاد قلب الرسول شوقا ، و نفوس المؤمنين و جلا ، و أراجيف المشركين انتشارا ، هنالك جلجل الوحي في هضاب مكة من جديد ، و شق فجره طريقه الى القلوب العطشى ، الى النور و الدفىء و الحنان ، فاستقبلته بحفاوة و وعته بعمق .

هكذا رحمة الله تهيء الظروف من قبل لتكون أوقع أثرا و أبلغ نفاذا ، أرأيت اليتيم حين تتناوله يد الرحمة كيف يحن على الايتام و المحرومين ، أورأيت الضال حين يهتدي كيف يمتص قلبه الهدى كما تمتص حبة التراب الندى في ضحوة الهجير ؟! هكذا يرضى المؤمن بالقدر ،فلولا الليل إذا سجى لم يعرف القلب قيمة الضحى ، و لولا العطش لم يتلذذ الكبد بشربة ماء هنيئة . ولولا التحديات لما حدث التطور ولولا المآسي لما قامت القدرات .

و يبدو ان محور سورة الضحى كما سورة ألم نشرح هي هذه البصيرة التي مهدتلها بالقسم بالضحى ، و الليل إذا سجى ، ثم ببيان ان تأخير الوحي لم يكن للوداع ، بل لحكمة بالغة قد تكون تكريسه في النفوس ، ثم ذكرت الرسول - صلى الله عليه واله - كيف من الله عليه بألوان النعم بعد الصعاب ، عليه ان يسعى لإسعاد الناس و هدايتهم بكل ما أوتي منحول و قوة .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس