الإطار العام في بادىء الأمر يتراءى ان سورة الطلاق تتحدث عن قانون الطلاق ، و لكن حينما نتدبر في سياقها نجد محور السورة الحديث عن التقوى ، و ما الحديث عن قانون الطلاق و سنن الله في الغابرين و .. و .. الا اطارا لهذه المحور ، و السؤال : ما هو سبب مزج السياق بين الاحكام الشرعية و بين الاوامر المؤكدة بالتقوى ؟ و الجواب :
1 - ان التقوى هي افضل ضمانة لتنفيذ الاحكام الشرعية ، و التزام الحدود الالهية ، و الاعتبار بالمواعظ ، و العمل بقيم الذكر ، و بالذات في صورتين :
الاولى : القضايا الفردية التي لا تتصل بالنظام السياسي للامة بقدر اتصالها بالنظام الاجتماعي و بالقرارات الفردية للانسان .
الثانيــة : غيـاب النظام الاسلامي المتكامل ( المجتمع الاسلامي ، و الحكومة الالهية ) اذ مع وجود هذا النظام يصعب على الفرد ان يتجاوز حدود الله ، لانهسيجد من يمنعه و يقف في طريقه ، و بالذات في المسائل الاجتماعية ، لذا فقد يلتزم الانسان بالاحكام خشية الناس و القانون ، اما اذا نمت روح التقوى عند احد فان من ربه ستكون أعظم من كل شيء ، و ذلك ما يدعوه لاتباع الحق في أي مكان و زمان حتى لو لم يكن ثمة نظاماسلامي قائم ، بل و لو كان وحده لا يراه أحد من الناس .
2 - ان حقيقة التقوى لا تنمو في القلب الا اذا اتصلت بمجمل سلوك الانسان ، فهي ليست مفهوما ذهنيا او مادة للمعرفة ، إنما هي صبغة حياة و لون سلوك ، و منهج تكامل ، و موقف من الاحداث المتحركة حول الانسان ، لذلك يحدثنا الوحي عنها عبر تيارات الحياة و تطوراتها ، و امواج ضغوطها المختلفة ، لكي لا نتعامل مع التقوى كقضية مجردة ، و بعيدة عن التفاعل في قضايانا اليومية .
و بهذه الطريقة تتصل التقوى بكل التعاليم الدينية ، فاذا امر الله بالتقوى عند الحديث عن قانون الطلاق فان معناها يكون الالتزام باحكام الله و حدوده فيه .
|