فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


و من يتق الله يجعل له مخرجا
هدى من الآيات

الاسرة كما يراها الاسلام هي اللبنة الاولى في بناء المجتمع الاسلامي ، و قد أولاها القرآن اهتماما بالغا باعتبارها حصن الفرد و المجتمع ، و المدرسة التي تتربى فيها الاجيال ، فهو ما يفتأ يعالج القضايا المتصلة بها بين سورة و اخرى ، ليرسم المنهج المتكامللمسيرة النكاح و المعاشرة و التربية ، و لنظامها الداخلي ( الدخول و الخروج ، و الأكل و النوم ) و علاقاتها المختلفة ، و فيما بينها حالات الشقاق و الطلاق .

و بالرغم من ان بعضا من المذاهب كالمسيحية الكاثوليكية تحرم الطلاق البتة ، و بالرغم من انه في شريعة الاسلام نفسه ابغض الحلال الى الله ، فقد جاء الحديث المأثور عن النبي - صلى الله عليه وآله - انه قال : " تزوجوا و لا تطلقوا فان الطلاق يهتز منه العرش " (1) .

و جاء في حديث آخر عنه - صلى الله عليه وآله - : " لا تطلقوا النساء الا من ريبة فان الله لا يحب الذواقين و الذواقات " (2) .

الا انه تعالى يشرعه لان الروابط الزوجية في نظر الاسلام انما وضعت لاهداف فردية و اسرية و اجتماعية و حضارية ، فاذا اصبحت لا تؤدي الاغراض او اضرت بها فان الطلاق يصير الاولى منها .

و حيث ان الطلاق عملية هدم لكيان الاسرة فقد اسس الله دينه على الوقاية منه ، و في هذا السياق تنتظم الكثير من القيود التي وضعت ليصبح الطلاق مشروعا ، كوجوب العدة ، و بقاء الزوجة في بيت زوجها حينها لا هو يخرجها و لا هي تخرج منه ، و حضور شاهدي عدل حينالطلاق ، و ما الى ذلك .

و لا يعتبر الاسلام الطلاق مسألة شخصية يتصرف فيها الرجل كيف يشاء - كما يظن البعض ، و كما هي عند بعض المذاهب - انما هو قضية اجتماعية تمس كيان الاسرة بصورة خاصة و المجتمع بصورة عامة . لذا يضع الله حدودا يحذر من تجاوزها ، بل لا يقع الطلاق من الناحيةالقانونية و الواقعية و الشرعية الا ضمنها .

و يلاحظ الى جانب السياق الذي يعالج مشكلة الطلاق من الناحية القانونية تأكيدات متتالية على أهمية التقوى و بصيغ مختلفة ، لانها الدرع التي تحصن المجتمع ضد المشاكل كالطلاق ، و لانها الضمانة الحقيقية و الاهم لالتزام الانسان بحدود الله و تنفيذها في كل مكان و زمان .


(1) مجمع البيان / ج 10 - ص 304 .

(2) المصدر .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس