الإطار العام
في الوقت الذي تبين هذه الآيات من السورة الملامح العامة لرسالة نوح (ع) ومن خلالها للرسالات الإلهية جميعا ( الآيات 1 / 4 ) كما تشير الى قصته مع قومه و التي انتهت بهلاكهم غرقا بالطوفان ( الآيات 5 / 28 ) ، فان محورها الاساسي كما يبدو ليس ذلك و انما هوالتركيز على ان نوحا - عليه السلام - ضرب مثلا رائعا للمعاناة في سبيل الله ، و الاستقامة على نهج الرسالة رغم التحديات الخطيرة المتمادية ، حيث بقي - سلام الله عليه - " الف سنة الا خمسين عاما " (1) يكابد مرارة نفور قومه الذين أصروا على الباطل، و استكبروا عن الحق ، و مكروا مكرا كبارا ، لا ينثني عن أهدافه ، ولا يتراجع عن نهجه ، وتلك الاستقامة درس عظيم لنا ، لأنها كانت من الثوابت التي لا تقبل التغيير .. بلى . كان يغير من اساليبه فمرة يدعو جهارا ، و أخرى إعلانا ، و ثالثة اسرارا ، لا يدخله أدنى شك في الحق الذي بين يديه بسبب تكذيب قومه ، و البشرية يومئذ معارضة لدعوته ، ولا(1) العنكبوت / 14 .
بسبب تأخر نصر الله عنه ، و إنما كان على عكس قومه تماما ، يزداد مضيا على الحق ، و تسليما لأمر ربه ، و يقينا بنصره .
ان العناد المقدس الذي اتصف به نــوح (ع) جعله رمز الرساليين ( دعاة و قادة ) عبر التاريخ ، و من ثم واحدا من أولي العزم من الرسل ، وأي عزم ذاك الذي واجه به عناد البشرية كلها .. فلله درك يا شيخ المرسلين ! و لعمري انك لآية العزم و الاستقامة !
|