الاطار العام
ترتكز اغلبية آيات السورة حول محورين رئيسيين :
الاول : الانفاق في سبيل الله ، من دون تحديد نوع منه ، فقد يتحقق بالانفاق من النفس او من المال او من اي شيء آخر . و يحرضنا الذكر الحكيم على ذلك من خلال منهج واقعي و نافذ هو :
1 - ان الله هو المالك الحق لكل شيء ، و له الولاية التامة خلقا و قدرة و علما و تدبيرا ، و انه الذي يحيي و يميت و اليه ترجع الأمور ، اما نحن فلسنا سوى مستخلفين من قبله فيما ملكنا ، فلا ينبغي ان نرفض امره بالانفاق ، اذ انه هو المالك الحق .
2 - و الانفاق هو الشاهد الصادق على التزام الانسان بالميثاق ، ذلك الميثاق الذي أخذه الله عليه في عالم الذر .
3 - و لماذا يبخل الانسان بالمال و هو لا يبقى له ؟ ! فاما يرحل عنه او ينتقل الىغيره . بلى ، قد يستخلف فيه برهة من الزمن ، و لكنه يموت عنه كل أهله ليعود اليه تعالى .
4 - ثم ان الانفاق لا يزيد الله شيئا و هو الغني الحميد ، انما النفع و الضرر يعودان على الانسان نفسه ، فهو ان أنفق نمى ماله ، و بنى مجتمعه ، و صار الى ثواب الله و رضوانه ، اما اذا بخل فلن يحصد الا التلف ، و التخلف في الدنيا ، و الوان العذاب في الآخرة.
و تعالج السورة ايضا قضايا تتصل بالانفاق .
الثاني : العدالة الاجتماعية كهدف تنزلت له جميع رسالات الله ، و سعى من اجله كل الانبياء و الاولياء ، كما ينبغي ان يتحرك لتحقيقه كل المؤمنين الرساليين ، و لا تقوم العدالة الا بالقائد الصالح ( رسولا او وليا ) ، و النظام الصالح في البعد السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و التربوي ، و بالميزان الذي يشخص المخطىء من المصيب ، و بالسلاح المنفذ للنظام .
و هناك علاقة وثيقة بين محور العدالة و الانفاق في السورة يتمثل في ان الانفاق في سبيل الله يساهم بصورة فعالة في اقامة العدالة و نصرة الحق . او ليس قام الاسلام بسيف علي و مال خديجة ؟
و من هذا المنطلق نهتدي الى افضلية الانفاق و القتال قبل الفتح على الذي بعده .
ان الحركات الرسالية تنشد العدالة و اقامة الحق ، و الامة مسؤولة ان تتحمل مسؤوليتها الحاسمة في دعمها و الوقوف الى صفها بالانفاق نصرا لله و رسله و اوليائه على الظالمين .
|