بينات من الآيات
اولئك حزب الله
هدى من الآيات في سياق الحديث عن مصدر الايمان في واقع الانسان ، و ضرورة تحسسه الدائم بشهاة الله سبحانه عليه ، نتساءل : ما هو المقياس الحق للايمان الصادق ، و للانتماء الصحيح الى تجمع المؤمنين ؟
يزعم الكثير انه يتلخص في الممارسات القشرية للدين ، و لانه يصلي و يصوم و يحج يحسب انه من اولياء الله ، و من حزبه المفلحين ، بينما ينبغي لنا ان نرجع الى القرآن الحكيم الذي هو الفرقان و الميزان في كل قضية ، و نتخذ المقاييس من آياته ، و انه ليؤكد في هذا الدرس و في الكثير من الآيات و المواضيع ان اهم و ابرز محتوى و مقياس للايمان و للانتماء الحقيقي للمؤمنين هو التولي الصادق و العملي لحزب المؤمنين و قيادتهم الرسالية ، اما اولئك الذين يدعون الايمان في الظاهر ولكنهم يحتفظون بوشائج حميمة نفسية و سياسية معحزب الشيطان ( اعداء الرسالة من الكفار و المشركين و المنافقين ) فانهم و ان حلفوا بالايمان المغلظة ، و تكلفوا اظهار صدقالايمان و الانتماء و الولاء ، ليسوا الا من حزب الشيطان ، و سوف يعذبهم الله ، دون ان يستطيعوا التهرب من عذابه بوسيلة ، و لا خداعه بيمين و حلف ، لانه الشاهد على كل شيء و العليم الخبير به ، و هو يعلم بواقعهم الذي ينطوي على الولاء لاعداء الله و الرسالة ،و اعداء المؤمنين و القيادة الرسالية ، بحثا عن العزة و الشرف ، فكيف يكون هؤلاء من المؤمنين الصادقين و هم يحادون الله و رسوله بهذا العمل القذر ، و يتخلفون عن حدوده و احكامه ؟ ام كيف ينالون عزة و ليست الا لله و لرسوله و للمؤمنين ؟ كلا .. انهم ليسوا من المؤمنين ، و لن يصيروا الا الى ذل بعد ذل .
بلى . ان هؤلاء المنافقين المزدوجين الشخصية كانوا يبحثون عن المناصب و الرفعة باعتبارهم الاكثر مالا ، و اتباعا ، و لما في نفوسهم من المرض ، و ليس لانهم الاكفاء ، فراحوا يطلبون العزة ، و يسعون لهذه المطامع من خلال التعاون مع اعداء الامة الاسلامية ، وبيع انفسهم عمالة لهم ، لعلهم ينتصرون جميعا على الرسول ، و يطفؤون شعلة الرسالة ، فتتحقق مطامعهم ، و ينالون اغراضهم المشؤومة ، و قد غاب عــن هــؤلاء ان الله صاغ الوجود على اساس انتصار الحق ، و كتب ذلك في سننه ، و حتم تنفيذه بقوته ، و اراد لنفسه و لحزبهالعزة ، ولاعدائه الهزيمة و الذل .
و ختاما للسورة و لهذا السياق يحدد الله اهم المواصفات للمؤمنين الحقيقيين ، الذين هم حزبه المفلحون ، و اهمها بعد الايمان بالله و اليوم الآخر التبري من اعداء الله و رسوله و رسالته ، لا يميزون في ذلك بين احد و احد ، انما يعدون من اجل توليهم و انتمائهمكل عدو " و لو كانوا آبائهم و اخوانهم و عشيرتهم " ، مما يدل على تجذر الايمان في قلوبهم ، و اخلاصهم للحق ، و تأييد الله لهم بروح منه ، لانهم اولياؤه بحــق و صــدق . " اولئك حزب الله " الذين يستحقون تأييده و جناته و رضوانه ، و ذلك هو الفلاح .
|