لا تتخذوا عدوي و عدوكم اولياء
هدى من الآيات لكي تتكامل نفس المؤمن ، و تصفو من شوائب الشرك و الشك ، و تتعالى عن المؤثرات المادية ، و بالتالي لكي تتهيأ للقاء الله و نيل جناته و رضوانه ، فان عليه ان يجتاز بنجاح امتحان الولاء ، و تتمحض علاقاته في الايمان ، و قد يدعوه ذلك الى قطع و شائج الولاء عناقرب ارحامه فيقاوم تيار عواطفه الجياشة تجاههم ، و يتحمل مضاعفات العزلة عنهم و ضغوط الحياة دونهم .
و ذلك من اصعب ما يتعرض له الانسان ، و لكن القرآن يعالج ذلك علاجا موضوعيا من شأنه تهوين الامر في نفوس المؤمنين ، و دفعهم لخوض الامتحان بنجاح ، ببيان الحقائق التالية :
اولا : ان الكفار لا يوادون المؤمنين ابدا ، بل يكنون ضدهم الحق و العداء ، و اذا كانوا يتظاهرون بالمودة احيانا فانما لاسباب و ظروف و مصالح ، فحيث لا يجدونالقدرة على اظهار العداء للمؤمنين الذين قويت شوكتهم يخفون كل ذلك ، اما لو يظفرون بهم فانهم ، " لا يرقبون في مؤمن الا و لا ذمة و اولئك هم المعتدون " (1) ، و دليل ذلك انهم اخرجوا من قبل الرسول ( ص ) و المؤمنين من مكة المكرمة ، و استحلوا حرماتهم و اموالهم .
ثانيا : المهــم عنــد المؤمن الاخرة فعليه ان يعمل في الدنيا ما ينفعه يوم القيامة ، و ليس تنفعه تلك الولاءات شيئا ، فلماذا التشبث بها ؟
ثالثا : ان المقاطعة التي يفرضها الله على المؤمنين ليست امرا مستحيلا ، فهناك من عمل بها و هو نبي الله ابراهيم ( ع ) و المؤمنون معه ، حيث ضربوا المثل الاعلى في البراءة من قومهم المشركين و من الهتهم المزيفة ، و في الكفر بهم ، و اظهار العداوة و البغضاءضدهم ، و ما اروعها اسوة لكل مؤمن يرجو رضى ربه ، و يؤمن بالحياة الاخرى .
|